حين يتحول الوالدان إلى شركاء في الجريمة.. أبناؤهم يروجون المخدرات والأقراص المهلوسة في سن العشرين

محمد سعيد الأندلسي

في الوقت الذي تخوض فيه الأجهزة الأمنية والقضائية حربًا يومية ضد شبكات ترويج المخدرات والأقراص المهلوسة، يبرز مشهد صادم داخل بعض الأحياء الشعبية: آباء وأمهات على علمٍ تام بأن أبناءهم المراهقين والشباب، في مقتبل العمر، ينشطون في تجارة السموم، بل ويوفرون لهم الغطاء والحماية، تحت ذريعة الحاجة أو الخوف من فقدان السيطرة عليهم.

 

عدد من الأسر تعيش ظروفًا اجتماعية صعبة، لكنّ البعض يتجاوز خط الفقر ليحوّل أبناءه إلى أدوات لترويج المخدرات. الأب أو الأم اللذان يريان الأموال تتدفق على البيت دون أن يسألا عن مصدرها، يتحملان مسؤولية أخلاقية وقانونية. فصمت الوالدين ليس جهلًا بريئًا، بل تواطؤ ضمني يسمح باستمرار نزيف الظاهرة.

 

كثيرًا ما تبدأ القصة داخل جدران المنزل: غرف مغلقة، تبادل غريب للأكياس، اتصالات هاتفية مشبوهة، وزيارات ليلية لأشخاص غرباء. بدل أن يتدخل الأب أو الأم لوضع حد لهذه الانحرافات، يفضّلان الصمت. النتيجة أن البيت يتحول إلى نقطة انطلاق نحو الشارع، حيث يصبح الابن بائعًا للمخدرات، والوالدان شركاء صامتين في الجريمة.

 

القانون الجنائي المغربي يجرّم المشاركة والتواطؤ في الجريمة. والوالدان اللذان يتركان أبناءهم يتاجرون في المخدرات، أو يستفيدون من الأموال الناتجة عن ذلك، قد يُعتبرون شركاء أو متسترين على الجريمة. أخطر من ذلك، أنهم يساهمون في إفساد أجيال بكاملها، وتحويل الحي إلى بؤرة إدمان وانحراف.

 

لا يكفي تدخل الأمن وحده، ولا تكفي المداهمات المتكررة. المطلوب أن يستوعب الآباء والأمهات أن حماية الأبناء لا تكون بتغطية جرائمهم، بل بتقويم سلوكهم منذ البداية، ومواجهة الانحراف بالحزم والتربية. التواطؤ العائلي مع تجارة السموم أخطر من الجريمة نفسها، لأنه يحوّل الأسرة من فضاء للحماية إلى بؤرة للانحراف.

 

عندما يسمح الوالدان لأولادهم ببيع المخدرات والأقراص المهلوسة، فإنهما لا يدمّران فقط مستقبل أبنائهما، بل يدمّران الحي والمجتمع. الصمت ليس حماية، بل جريمة أخلاقية وقانونية تستدعي المساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى