
في رواق محمد الفاسي بالرباط، يفتتح الفنان العصامي من ذوي الهمم محمد نسيم أكريش معرضه التشكيلي الجديد، مقدّماً مجموعة من أعماله التي تعبّر عن رؤية فنية تنبع من إحساسٍ صادق بالحياة. بين دفء الألوان وتناسق التكوينات، ينسج أكريش عالماً بصرياً متفرداً، يمزج فيه بين الذاكرة المغربية ودهشة الخيال، ليقدّم فناً يُدهش ببساطته ويأسُر بصدقه، ويجعل من كل لوحة مساحةً للتأمل والتفاؤل.
في أعماله، تنبض الألوان بالحياة كأنها كائنات تنطق بالعاطفة. لوحاته ليست مجرّد تراكيب لونية، بل حكايات مرسومة عن الإنسان المغربي في بساطته اليومية، وعن وجوهٍ وأمكنةٍ تسكن الذاكرة الشعبية. فهو يستمدّ عناصره من التراث المحلي ومن البيئة المحيطة به، ويعيد صياغتها في لوحات تنضح بالعفوية وتفيض بالحبّ والنور.
لم تكن مسيرة محمد نسيم سهلة، لكنه آمن منذ البداية بأن الفنّ مساحة حرّة لا تعترف بالعوائق. عبر مشاركاته في عدة معارض، استطاع أن يفرض أسلوبه الخاص، ويكسب تقدير النقّاد والجمهور على حدّ سواء. كل عملٍ يقدّمه يحمل توقيعه الصادق، وتفاصيله المفعمة بالأمل والإنسانية، في انسجامٍ بين البساطة التقنية وعمق الرسالة الجمالية.
ابن الرباط الهادئ بطبعه، يجد في الفن وسيلته للتعبير عن امتنانه للحياة وعن وفائه لعائلته التي دعمته وآمنت بموهبته. يرى في كل لوحة رسالة محبة لوالديه وأخته، الذين يشكّلون مصدر قوته وإصراره على المضيّ قدماً في دربه الإبداعي، رافعاً راية الأمل بدل الاستسلام، والجمال بدل الصمت.
وعبر منصّاته على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إنستغرام، يحرص أكريش على مشاركة تفاصيل تجربته الفنية، موثّقاً لحظات العمل والإلهام، وملهمًا متابعيه بصفائه الداخلي وحيويته. في كل ما يرسمه، يبدو واضحاً أنه لا يسعى إلى الشهرة بقدر ما يسعى إلى أن يترك أثراً جميلاً في النفوس، مؤكداً أن الإبداع الصادق لا يحتاج سوى إلى قلبٍ يرى العالم بلونٍ مختلف.
محمد نسيم أكريش لا يرسم فقط لوحات تُعلّق على الجدران، بل يرسم مواقف من الحياة، ويزرع في كل ضربة لونٍ رسالة مفادها أن الفن لا يُقاس بوفرة التقنية، بل بصدق الشعور. من ريشته تنبع الحكمة الصامتة التي تقول إن الجمال ليس امتيازاً لأحد، بل قدرة على تحويل الاختلاف إلى طاقة، والألم إلى إبداع، والحياة إلى لوحةٍ لا تكتمل إلا بابتسامةٍ وأمل