الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا.
في جو جنائزي مهيب و حضور قوي مكثف, في يوم مبارك عظيم من الشهر الفضيل من شهر رمضان لعام 1442هـ. لسنة2021. ودعت الجالية المغاربية و العربية الإسلامية فقيدها وعميد منضاليها وقطب من أقطابها بأرض المهجر, بحضور الأهل والأقارب و الأصدقاء والمحبين الوافدين من كل الجهات, فقيدها العم الحاج أحمد عوميري, المعروف برجل الظل الذي لا يكل ولا يمل من العمل الخيري التطوعي الإنساني في شتى الميادين والمجالات , صاحب الرصيد الذي يمكن عده و إحصاؤه. رفقة فقيدي عائلة العم بغداد والسيدة مومنة الماسوسي عن مسجد السلام بالجبل الأخضر .دفنا بمربع مقبرة المسلمين بستراسبورغ بمنطقة الآلزاس بفرنسا.
شخصية بارزة لها مكانتها المرموقة وسمعتها المشرفة و أسمها المنقوش في الذاكرة بين الأجيال المتعاقبة من جيل لآخر , لا يمحى ولا ينسى من بين الأسماء اللامعة في سماء ستراسبورغ وبين صفوف الجالية المغاربية. صاحب السجل الذهبي المشرف على مر السنين.
حيث أقيمت صلاة الجنازة على روحه الطاهرة بمسجد روبرتسو ونقل جثمانه أين تليت على روحه فاتحة الكتاب و ما تسير من القرآن الكريم بحضور المشايخ و الآئمة لمختلف مساجد المدينة و فقرة كلمة تأبينية ألقاها الحاج شعيب شكري رئيس الجمعية معربا فيها ببالغ حزنه الشديد و عميق جرحه لفقدان العم الحاج أحمد رحمه الله جاء فيها :
إذ بوفاة العم الحاج أحمد, أصيل مدينة تيمسمان أقليم الدريوش, شمال شرق المغرب فقدت الجالية المغاربية قامة من القامات الشامخة, بل صرح من الصروح المتألقة و شمعة من الشموع المنيرة و نبراس مضيء بكل شبر من أرجاء المدينة, ركيزة داعمة وعرصة متينة حصينة لحصن الجالية وشخصية من الشخصيات الفذة البارزة الفاعلة في الميدان الناشطة في كل وقت وأحد الإطارات المعول عليها عند الحاجة و الشدة.
يعد العم الحاج أحمد عنصر بارزا بكل المقاييس و المعايير، عنصر أساسي فعال رئيسي في حياة الجالية اليومية بالمؤسسة المسجدية و بباقي الفعاليات , دون أن ننسى دوره الصورة المشرفة المعبرة عن أصالته و شهامته و أنقته و عن أصوله و قوميته و مكانته العربية الإسلامية, التي يتحلى بها كل مغاربي تربى و تترعرع بين أحضان البيئة الطبيعية لفطرته التي أنشيء عليها من ذويه, متشبعا بقيمها و مبادئها, صورة الرجل الشريف النزيه الحريص عليها, صور الرجل المثالي المفتخر به بين صفوف المهاجرين في ديار الغربة..
العم الحاج أحمد عنصر بارز من داعمي مسجد ستراسبورغ الكبير و كبار متبرعيه رفقة أسرته ومحبيه حاثا الجميع للإلتفاف حول المسجد و التمسك بأصولهم و جدورهم وعدم التخلي عنه, متحملا عبئ جمع التبرعات و النفقات متنقلا في الأسواق و باقي جهات تجمع الجالية و مكان تواجدهم ,لا لشيء إلا لأجل إنجاح مشروع بناء مسجد روبرتسو و تعميره بالحي الذي كان يفتقر يومها للمسجد إعلاء كلمة الله و نشر تعاليم دينه الحنيف و توفير مكان عبادة للساكنة و قاطني الحي من الجالية المسلمة برمتها في جو هادئ مطمئن بكل أريحية..
كان العم الحاج أحمد عليه نسائم رحمة الله, أنموذجا في الجدية والإخلاص والتفاني في عمله الذي كان يعشقه ولا يكل ولا يمل منه مهما كان نورعه ,ثقله و صعوبته، ولا يجد راحة وسكينة إلا وهو بين جدران المسجد يسير بين زواياه و أركانه, متفقدا نقائصه و حاجياته و مستلزماته لتوفيرها بعين المكان للمصلين و لرواد المسجد المفتخر به.
وكان العم الحاج أحمد رحمه الله, شديد الفرحة والغبطة والسرور حين يرى توافد رواد المسجد بأعداد هائلة و مرافقة المصلين جماعة و فردى لحين امتلآ المسجد و اكتظاظه عن أخره. كان رحمه الله صاحب كفاءة وخبرة عالية في جمع لم الشمل وتوحيد الصفوف و الكلمة و الحرص كل الحرص لنبذ العنف و كافة الآفات المضرة بالمجتمع و المحلة بالحياء و الأداب العامة. كفاءة وميزة يشهد بها كل شخص شاهده وعرفه وعاصره.
حسن الخاتمة:
وتشاء الصدف لقاء العبد ربه وهو في أحسن صورة ختامية يشهد بها الجميع وأولهم المسجد الذي عاش لأجله العم الحاج أحمد وسخر نفسه وماله و جهده له, فكان أخر ما كان من نصيب العم أحمد أخر طعام تناوله وطعام السحور و تهيأ للقاء ربي , وأخر خطوات تخطوها فدماه تكوت سيرا إلى بيت الله المسجد الذي عشقه عمي أحمد , وأخر عمل يقوم به في حياته الدنيوية فتح أبواب المسجد والتحضير لصلاة الجمعة وإعداد ما يمكن إعداده و بفراغه من كل شيء يقوم بأخر صلاة وعبادة هي قيامه بصلاة ركعتي تحية المسجد و تفيض روحه الطاهرة إلى بارئها في ساعة عطرة و يوم مبارك يوم جمعة و في أعز أيام شهر رمضان الفضيل. فسبحان الله وحسن خاتمه عبده.
لا يمكن التوقف عن الكلام و عن الحديث عن الحاج أحمد مهما كان الحال . لكن لا مناص من ذلك , فالحديث عن موسوعة عمي أحمد يتطلب الكثير من التركيز و الترشيد و التحضير و الإستعداد النفسي و البدني و توفير كل المستلزمات الضرورية لفنون الكتابة و أبجدياتها, بما يليق بمقام الرجل حتى لا نظلمه و نهدر حقه . و خاصة أنه كان عديم الظهور و الزخم الإعلامي محتسبا عمله خالصا لوجه ربه سبحانه و تعالى و يكفي فخرا لمكانته بوفاته لنشر نعيها لم يعثر له على صورة, إلا وحدة و بجهد جهيد مما يدل على صنع جميله و معروفه البعيد عن كل زيف و رياء و تفاخر ألف رحمة و نور عليه
كان هذا العم الحاج أحمد عوميري رحمه الله وأسكنه فسيح جناته و طيب تراه ونور قبره و رحم جميع موتانا. ولنا عودة إن شاء الله في ومضة خاصة لمسبرته مستقبلا