شهدت سنوات مراهقة ياسمين كآبة مزمنة ومحاولات انتحار متعددة، واعتادت آنذاك على تعاطي أقراص منع الحمل، ثم قررت في النهاية التوقف عن تناول الأقراص، فبات عالمها أكثر إشراقاً، وأقبلت على الحياة.
استجابت ياسمين، ويبلغ عمرها اليوم عشرين عاماً، لطلب صداقتي على فيسبوك، حيث كنت أبحث عن نساء عانين أو ما زلن يعانين من الكآبة والأفكار الانتحارية، وعلى وجه الخصوص النساء اللواتي يعزين تلك الأعراض إلى أقراص منع الحمل. ووصلت من خلالها إلى مجموعة اسمها “جيل القرص” وتضم أكثر من 600 مشترك. بعضهن اتصلن بي ساعيات إلى رواية قصصهن، وما عانين منه خلال سنوات، والعلاجات التي وجدنها غالبا غير مفيدة.
وقصة ياسمين واحدة من تلك القصص، وهي نموذج اعتمدته دراستان علميتان افترض أنّ الكأبة والرغبة في الانتحار ناجمتان عن تأثيرات جانبية لتعاطي أقراص منع الحمل. وتروي الشابة روايتها باستعادة شريط عمرها اليافع ” كنت في الحادية عشرة من عمري حين بدأت العادة الشهرية، وكنت أعاني باستمرار من آلام البطن، وحين أصبحت في الرابعة عشرة، اخذتني أمي إلى طبيبة أمراض نسائية لتأخذ منها وصفة تجيز لي تعاطي الأقراص بشكل منتظم”. وساءت حالتها، وباتت تراودها هواجس انتحارية باستمرار، قادتها إلى محاولة انتحار حقيقة فاشلة، أوصلتها في النهاية إلى أن تحتجز في مصحة نفسية لثلاثة أسابيع. وأعتبر الاطباء أنّ حالتها ناجمة عن “اختلالات ناجمة عن محاولة التكيف مع إملاءات سن المراهقة”. ثم سمح لها بمغادرة المصحة، على أن تخضع للعلاج باعتبارها مراجعا خارجياً.
بعد 18 شهراً أبلغها الأطباء أنهم لا يملكون لحالتها علاجاً، والأفضل إنهاء العلاج. وقضت ستة أشهر دون علاج، لكن وضعها شهد تحسناً، ثم عاد وانتكس في صيف عام 2017، حيث باتت تعيش تقلبات مزاجية حادة أفضت بها إلى أن تجرح نفسها، جاء ذلك بعد أن فقدت شعورها بالانتماء إلى نفسها، ثم عادت للعلاج، وبدأته بمدينة كولونيا ، ثم تلقت علاجا سريرياً لمدة أسبوعين بمشفى بمدينة مانهايم. خلال تلك الفترة ثار في ذهن ياسمين نفسها أنّ هذا الاختلال قد يكون له علاقة بتعاطي أقراص منع الحمل، إذ أنّ رقودها في المشفى لمدة اسبوعين، قلل من تعاطيها لأقراص منع الحمل، فقلّ ظهور أعراض الكآبة والمشاعر السوداوية عليها. وتصل ياسمين إلى لحظة اكتشاف الحقيقية فتقول “عبّرت عن رأيي للطبيبة المعالجة، فقالت إنّ عليّ اختبار نفسي في البيت، والعودة إلى تناول أقراص منع الحمل، فلو ساءت حالتي مرة أخرى فعلي أن أتوقف عن تناولها نهائياً”.
وفعلت ياسمين ما قالته المعالجة، فعادت إلى تناول أقراص منع الحمل وبعد أسبوع واحد ضربتها مشاعر الكآبة وهواجس الانتحار مرة أخرى. وشرحت ياسمين لطبيتها النسائية ما جرى لها، فأبلغتها بضرورة ترك الأقراص والبحث عن بدائل، ومنها الإبرة ذات المفعول المستمر لثلاثة أشهر، وتحاميل الهورمونات، و لواصق الهورمونات. واعتمدت ياسمين طريقة أخرى، وهي اللولب، وهو إحدى طرق منع الحمل بعيداً عن الهورمونات، وشفيت تماما من كل مشاعر الكآبة والسوداوية. وعلى ضوء تجربتها، تنصح ياسمين “لا تتبعوا ما يقوله الأطباء بثقة عمياء، أقراص منع الحمل ليست أفضل وسائل المنع، وتأثيراتها الجانبية خطيرة ويجب تعرّيف النساء عليها قبل توجيههن لتعاطي الأقراص، وطالما قيل لي أنّ الأقراص لا تؤثر بأيّ شكل على الجسد. على العكس، إنها تؤثر في الجسد! القرص يخرّب كل وظائف الأعضاء في الجسد، فهو يتدخل في الهورمونات، ويغير توازنها بطرق عشوائية، وهذا ينجم عنه في رأيي خطر كبير”