
الفنانـة التشـكيلية سـهام حـي، خريجـة مدرسـة الفنـون الجميلـة بتطـوان، إحـدى الوجـوه الجديـدة والمتميـزة في الحركـة التشـكيلية المغربيـة التـي تشـهد تطـورا مـن خـال مـا راكمتـه مـن أسـماء وتجـارب وأعـمال ذات قيمـة عـى امتـداد عقـود زمنيـة خلـت. فنانـة تسـكنها رغبـة صادقـة وسـعي دائـم إلى البحـث المسـتمر لنحـت تجربتهـا الفنيـة بثبـات وخلـق أسـلوب أو لمسـة فنيـة تميـز مروعهـا الفنـي والجـمالي، فضـا عـن حرصهـا الشـديد عـى الارتقـاء باللوحـة المغربيـة لتثبيـت موقعهـا في تاريـخ الفـن المعـاصر لمـا تزخـر بـه مـن باغـة إبداعيـة راقيـة عمـل الفنـان المغـربي عـى اجراحهـا وصقلهـا بفضـل مسـتواه وتجاربـه الفنيـة التـي لا تقـل أهميـة عـن مثيلتهـا عنـد الفنانـن العالميـن الكبـار.
تـراءى لوحـات التشـكيلية سـهام حـي في مجموعتهـا الجديـدة هـذه للمتلقـي الجـمالي مخالفـة لمسـار تجربتهـا السـابقة لمـا لحقهـا مـن تطـور وانعطـاف عـى مسـتوى الإدراك الجـمالي، وطبيعـة التيمـة التـي عالجتهـا . لقـد أخـذت عـى عاتقهـا وطـأة الاشـتغال عـى تيمـة «الحـدود» وسرد سـرتها لكونهـا أسـاس الصراعـات والنزاعـات التـي يعيشـها الإنسـان اليـوم. وهـذا الاشـتغال لم يـأت اعتباطيـا، فهـو وليـد تجربتهـا الفنيـة والحياتيـة، إذ عاشـت بـن مدينتـي الناظـور وتطـوان المتاخمتـن للمدينتـن المحتلتـن مليليـة وسـبتة، هـذا مـا تؤكـده بقولهـا: «شـهدت حيـاتي وتجربتـي عـدة صـور وتجليـات للحـدود. هـذه الحـدود قـد تكـون قاسـية تدفعـك إلى التذلـل والخضـوع مـن أجـل لقمـة العيـش عـن طريـق التهريـب، أو قـد تكـون عكـس ذلـك تسـمو بـك وتكسـبك شـأنا لأنـك تحمـل معـك أفـكارا ومعـارف لتلقنهـا للآخـر، مـا يجعـل منـك سـفرا يعـبر الحـدود بـدون حواجـز وأسـاك شـائكة».
مـن هنـا، كانـت لوحاتهـا فضـاءات جماليـة تعـبر بصريـا ورمزيـا عـما اختمـر في عقلهـا ووجدانهـا مـن هواجـس وأفـكار وخيـال وقلـق يدفعهـا إلى مواجهـة السـند بألوانهـا الحـارة والبـاردة وبتقنيـات ووسـائل إيحائيـة، كـما جـاءت مضمخـة بلغـة بصريـة مجازيـة تبطـن رسـائل قويـة قوامهـا التجريـد التعبـري، مـن واجـب أي متأمـل متــذوق لهــا أن يجتهــد في اكتشــافها وفــك شــفراتها وتركيبهــا مــن جديــد حســب زاويــة مواقفــه وقراءاتــه وتصوراتـه.