بلاغ مرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة

بدعوة من المكتب التنفيذي لمرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة عقد لقاء لأعضاء المجلس الاداري للمرصد يوم الاثنين 27 أبريل 2020 الموافق 03 رمضان 1441 عبر تقنية التواصل عن بعد، وذلك التزاما بقواعد الاحتراز و الوقاية المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية المعلنة في بلادنا.
وقد سجل المجتمعون في بداية الاجتماع تقديرهم و اشادتهم بالمجهودات المتواصلة التي تقوم بها الأطر الصحية و السلطات العمومية محليا و وطنيا من أجل التصدي لانتشار جائحة كورونا كوفيد 19. كما كان اللقاء مناسبة لتأكيد مضامين بلاغ المرصد الصادر في 23 مارس 2020 من خلال تجند أعضاء المرصد كل من موقعه للمساهمة في المجهودات الوطنية للحد من آثار الوباء، داعين عموم ساكنة المدينة بضرورة التقيد بجميع الاجراءات المتخذة حفاظا على صحتهم وسلامتهم.
وارتباطا بموضوع الاجتماع، وقف المرصد على تتبع سير عمله خلال فترة الحجر الصحي حيث جدد المجتمعون التزامهم بقواعد حفظ الصحة و الحماية و التأقلم مع الوضع الحالي من خلال برمجة العمل عن بعد طيلة المرحلة المقبلة في برامج ومحاور عمل المرصد.
في هذا الإطار، وانسجاما مع إعمال التزاماته مع شركائه يؤكد المرصد استمرارية العمل على برنامجه السنوي بمختلف محاوره و مشاريعه، كمشروعي آلو ايكو و المياه الخضراء، وذلك بتكيف مع الوضع الحالي و استخدام التقنيات الحديثة للعمل عن بعد خدمة للأهداف المسطرة. كما تقرر في نفس الصدد و انسجاما مع الالتزامات المسطرة للمرصد تأجيل موعد عقد الندوة السنوية لتقديم تقرير المرصد بخصوص حالة البيئة و المآثر التاريخية التي دأب المرصد على عقدها في الجمعة الأخيرة من رمضان خلال السبع سنوات المنصرمة إلى نهاية يونيو آملين أن تكون أوضاع بلدنا قد استقرت بعودة الحياة لمجاريها الطبيعية.
على مستوى الأوضاع البيئية سجل المرصد ما تقدمه الأزمة العالمية الحالية من دروس و عبر بأهمية احترام البيئة واعتبارها عنصرا حيويا و ليس ترفا فكريا أو كماليا، حيث تدلل الأزمة على رجاحة اختيارات و نضالات الحركة البيئية على المستوى الدولي منذ عقود من الزمن، و ما بات يتطلبه النموذج الحالي لنمط الحياة و الاقتصاد من مراجعة شاملة في أفق نموذج مستدام وعقلاني للنمو والتطور الانساني.
على المستوى المحلي، يعتبر المرصد أن أول الأوليات هي اعطاء الأسبقية لتأمين صحة المواطن و سلامته، و تكريس الجهود للانكباب على هذا الجانب الحيوي، و ذلك في انسجام تام مع التوجهات العامة لبلادنا المرتكزة على اختيارات و التزامات واضحة في مجال الحكامة و مراعاة الحقوق و الحريات و تعزيز المكتسبات الديمقراطية. فإذا كانت السلطات تقوم بمجهودات حميدة لتأمين سلامة المواطنين و الساكنة، الا أن هذا المجهود اصطدم للأسف بتدني واضح في مستوى الالتزامات السابقة في مجال حماية المآثر التاريخية و المقاربة المعتمدة بخصوصها.
فقد شكل مشروع “تأهيل” ساحة اسبانيا تحولا مؤسفا لما تراكم في السنوات الفارطة من تقدم على مستوى تثمين المآثر و حمايتها، سواء من خلال الارتفاع الغير المسبوق لعدد المباني المقيدة في السجل الوطني للمآثر أو عبر استرداد مسرح سيرفانتس و تأهيل كل من مغارة هرقل و فيلاهارس وبييرديكاريس ، و الانكباب على إعداد مشروع تأهيل المدينة العتيقة، ذلك أن منهجية تعامل السلطات المعنية و في مقدمتها المصالح الخارجية لوزارة الثقافة ممثلة في مديرية المحافظة الجهوية للتراث وولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة و جماعة طنجة من تجاهل لمراسلات المرصد و أصوات فعاليات مدينة طنجة لاعتماد الشفافية في التعاطي مع ما يمكن أن يسفر عنه التحقيق في بقايا قوس على مستوى الساحة السالفة الذكر كانت مخيبة للآمال. و مما زاد من علامات الاستفهام هو البيان التاريخي الضحل للمديرية الجهوية للمحافظة على التراث و الذي أكد بما لا يدع مجالا للشك على اضطراب السلطات في تدبير الملف و غياب التنسيق و ضبابية المعلومة و الاستهتار بقواعد الحكامة الجيدة و التجاهل التام لحق ساكنة المدينة وعموم المغاربة في الاضطلاع على حقائق الأمور ، و تثمين الرأسمال الثقافي بعقلانية ونجاعة. فالاختباء وراء يافطة شعار المشاريع الكبرى و محاولة اضفاء نوع من القداسة على تدبيرها و تجنيب منفذيها أي منطق للمساءلة و تحمل المسؤولية تعد ردة كبرى في مسار بناء الثقة بين المؤسسات و المواطن و مبادئ الحكامة الجيدة و انماء التعبئة لانخراط جماعي في انجاح و تنمية البلد و الوطن.
وعليه فإن المرصد يسجل خيبة أمله من تعاطي المسؤولين و المكلفين بالملف، ويعبر عن استنكاره الشديد لأي محاولة للارتداد عن مكتسبات ساكنة المدينة و ايمانهم العميق بالقيمة التاريخية والحضارية لمدينتهم، كما يجدد مطالبه بإعادة أعمال التنقيب بحضور الكفاءات الوطنية و العلمية ذات الاختصاص المشهود لها بالنزاهة و الحيادية، و يؤكد مواصلة ترافعه في هذا الملف و غيره من الملفات البيئية و الأثرية لمدينة طنجة بجانب باقي القوى الحية للمدينة.

طنجة في يوم الاثنين 27 أبريل 2020 الموافق 03 رمضان 1441

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى