احتضن رواڨ وزارة الثقافة والاتصال بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، في دورته 25 ، زوال يوم السبت 16 فبراير 2019 ، حفل توقيع كتاب “ذاكرة هوية ووطن … ” مذكرات من الداخلة” لمؤلفه الأستاذ الحسن الحويدك، بحضور شخصيات رسمية تتمثل في ؛ السيد المامون البخاري المدير الجهوي لوزارة الثقافة والاتصال بجهة الداخلة وكذا السيد محمد السملالي ممثلا للجنة الجهوية لحقوق الإنسان الداخلة أوسرد، وفعاليات ثقافية وجمعوية وإعلامية تمثل مختلف وسائل الإعلام والاتصال السمعي البصري، المكتوب والالكتروني. وتجدر الإشارة إلى أن مؤلف الكتاب حظي بلقاء السيد وزير الثقافة والاتصال الدكتور محمد الأعرج خلال فعاليات اليوم الختامي الدولي للنشر والكتاب، وسلمه نسخة من هذا الكتاب القيم. وهكذا انطلقت فعاليات حفل التوقيع بقراءة مستفيضة لمضامين وقضايا ودلالات الكتاب من طرف الدكتور عبد الحكيم قرمان الباحث في العلوم السياسية ورئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، حيث أبرز أهم القضايا الفكرية والأدبية والسوسيو ثقافية التي تضمنها هذا الإصدار القيم. وارتكزت هذه القراءة الأكاديمية على خمس زوايا أساسية :
1 – اعتبار كتاب “ذاكرة هوية ووطن…مذكرات من الداخلة” بمثابة إعلان عن انبثاق نوع جديد من الكتابة التوثيقية التي تدخل في نطاق “كتابة السيرة الذاتية وتقديم شهادة على حقبة تاريخية محددة من تاريخ المجتمع” حيث أن السيد الحسن لحويدك، تميز في مؤلفه باعتماد أسلوب يمزج ما بين الحكي وتقديم الشواهد الحية، ومعالجة الأحداث، واستعراض الوقائع بأسلوب جمعي مفتوح على ذاكرة المكان والفاعلين في تشكيل هذه الأحداث والوقائع، وهو أسلوب يتجاوز التوثيق المسترسل للأحداث والوقائع في قالب الحكي والسرد إلى استعراضها بشكل تفاعلي وحواري بإبراز مواقف وشهادات ووثائق تقربنا ممن ساهموا في صنعها بشكل تفاعلي مفتوح على أسئلة الحاضر وباستشراف وتمثل واضح لرهانات وأفاق المستقبل.
2 – الكتاب أيضا يبرز تجربة فكرية ونضالية وإنسانية غنية بالوقائع والمنجزات للكاتب في سياقاته المجتمعية والمجالية والسوسيو ثقافية. تجربة، وإن بدأت بصيغة الفرد في السرد ، إلا أنها تستحضر وتبرز واقع وتمثلات وتطلعات جيل مخضرم وشبابي من أبناء الداخلة بشكل خاص، ومجمل الأقاليم الجنوبية للمملكة بشكل أعم، نحو أفق واعد للتنمية والمشاركة والتحديث والإبداع في كل مجالات الحياة. وهي الميزة الفكرية والإنسانية للجيل الجديد من أبناء الوطن عموما في كل الجهات، المتمثلة في الرغبة الأكيدة لهذا الجيل بان ينهض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والرياضية والفنية والبيئية للبلاد كي تتحقق أقصى درجات الاندماج والتكامل والتطور والارتقاء بالمواطن في كنف الوطن الحاضن لكل أبنائه في مختلف الربوع وبالداخل والخارج.
3 – الكاتب الحسن الحويدك، أراد أيضا أن يسلط الضوء من خلال رصده لحقبة زمنية معينة من ذاكرة الداخلة والإقليم عموما إلى كل ما ترمز إليه الصحراء المغربية من عمق الانتماء والارتباط بهوية الوطن الأم، المملكة المغربية، من روابط الثقافة والعلم والفنون والعادات والتقاليد وقيم تمغربيت الضاربة في التاريخ والجغرافيا. وبهذا يجعلنا الكتاب أمام مسؤوليات مجتمعية كبرى تسائلنا وتدعونا كمغاربة إلى استحضار وإحياء الخصوصيات والمؤهلات الحضارية والثقافية والفنية المشتركة، واستثمارها كرأسمال لامادي غني وثري لاحم وموحد لكل مكونات وروافد الثقافة في قالب الهوية المغربية الضاربة في عمق التاريخ.
4 – الكتاب أيضا، ينحو في تجاه قراءة التطورات والمتغيرات على الأرض من حقبة إلى حقبة خلال الأربعة عقود المنصرمة، ويعتمد استقراء الوقائع بما تحقق من منجزات وبنيات وما رافق هذا التطور. من تطورات على مستوى الأفكار والديناميات وبروز نخب جديدة تتفاعل في محيطها وتطرح قضاياها في قلب المشروع التنموي الجديد للوطن.
5 – في الخلاصة، يطالعنا الكاتب الحسن لحويدك برؤيته وتصوراته، التي هي في نفس الآن تعبير جلي وصادق عن تطلعات جيل بكامله من أبناء الوطن، للمشاركة الفعلية والناجعة في مختلف أوراش البناء والنماء والترافع، والدود عن حوزة وسيادة الوطن بنفس الروح والقوة والالتزام والتطوع التي طبعت ملحمة استرجاع أقاليمنا الترابية عبر المسيرة الخضراء المظفرة. وهكذا، فإن الكتاب تضمن في بعده الاستشرافي تساؤلات وتطلعات استكمال ورش البناء والتنمية المستدامة بموازاة التحديث وتقوية البناء المؤسسي وتجويد الانجاز، وتحسين الحكامة وتقوية المقاربة التشاركية بين مختلف الأجيال من وطننا الحبيب لربح رهانات المستقبل.
بعد هذه القراءة التي لخص من خلالها، الدكتور عبد الحكيم قرمان مجمل القضايا والرسائل الدالة في الكتاب، قدم الكاتب الأستاذ الحسن لحويدك قراءته الخاصة لسياقات التأليف وانشغالات الكاتب والمواضيع التي حددها كمنطلق وكأفق للكتابة، وكمنهج التوثيق والمعالجة، حيث أورد في معرض حديثه بأن كتاب : ذاكرة هوية ووطن .. “مذكرات من الداخلة”، قد حظي بعدة مبادرات تروم الكشف عن قيمته كوثيقة وتجربة في الكتابة، فبدءا بالداخلة، عاصمة جهة الداخلة وادي الذهب، حيث احتضن مقر النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يوم 18 نونبر2018، في سياق تخليد عيد الاستقلال المجيد، أول حفل تقديم وتوقيع الكتاب في نسخته الأولية، وذلك بحضور مكثف لشخصيات وازنة في عدة مجالات يتصدرها الأعيان والمنتخبون..ويوم 5 يناير 2019 بمراكش، نظمت الهيئة المغربية للوحدة الوطنية وجمعية نساء مراكش بالقاعة الكبرى منارة كليز، ندوة فكرية موضوعها: “ضرورة فتح الحدود الجزائرية المغربية على ضوء الخطاب الملكي التاريخي للذكرى 43 للمسيرة الخضراء “تحت شعار : “المغرب و الجزائر..مصالحة الجيران ؟ “حفل تكريم على شرف مؤلفه. وفي حلته الأنيقة والمنقحة، لقي الكتاب احتضانا من طرف جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة التي نظمت يوم الأربعاء 16 يناير 2019، بمقرها بالرباط، عاصمة الثقافة ومدينة الأنوار، حفل تقديمه وتوقيعه، بحضور نوعي ووازن لشخصيات وطنية مرموقة في عالم الفكر والأدب والسياسة والعمل الجمعوي والإعلام ورجال القانون والحقوقيين .وجدير ذكره، أنه طيلة هذه المحطات، والتي أكيد ستتلوها عروض مقبلة، بمشيئة الرحمن، أجمعت مداخلات الأساتذة في قراءاتهم المنقحة للكتاب عن أهمية مبادرة تأليفه مشيدين بالعطاء الوطني لمؤلفه، داعين الباحثين و المهتمين إلى الإنكباب على دراسته
من جهة أخرى، أبرز مؤلف الكتاب ذ : الحسن لحويدك: “ارتأيت، من خلال هذا الكتاب المتواضع بعنوان “ذاكرة هوية ووطن..» مذكرات من الداخلة”، أن أضع القارئ (ة) الكريم (ة) أمام عمل يطلعه على فترة تاريخية مهمة في مسار النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، والذي طال أمده وذلك من خلال هذه المذكرات الشخصية، والشهادات، والأنشطة، على المستويين الوطني والدولي، التي طبعت رصيد تجربة، اعتبرتها مسيرة نضال وطني، امتدت من تاريخ التحاقي بمخيمات الوحدة بمدينة الداخلة العزيزة، في 12 أكتوبر 1991، من أجل أداء الواجب الوطني المتمثل وقتئذ في المشاركة في الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء اعتبارا لانتمائي القبلي الصحراوي، منوها بداية بحكمة مبدع المسيرة الخضراء ومحرر الصحراء، جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، على مباركته الحكيمة بتسهيل مأمورية إرادة المغاربة الصحراويين القاطنين بشمال المملكة، الراغبين في التنقل للالتحاق بذويهم، بأرض آبائهم وأجدادهم وأبناء عمومتهم الذين فرق بينهم الاستعمار والظروف من أجل مؤازرتهم في هذا الواجب الوطني، الذي تم إقراره من طرف الأمم المتحدة، وقبله المغرب، نظرا لإيمانه العميق بمشروعية وعدالة قضيته، وكذلك لكونه خيار سياسي استراتيجي، تم بموجبه وقف عملية إطلاق النار، والمصادقة على اتفاق الإطار الموقع في عام 1991. ومنذ ذلك الحين انكب على مواصلة المسلسل الإصلاحي، في كل أبعاده الاجتماعية والتنموية والثقافية والديمقراطية والحقوقية بأقاليمه الجنوبية، والذي تواصل بالأوراش الكبرى مع العهد الجديد لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه.ولعل تبصر الملك الراحل، رحمه الله، في تفعيل هذه الرؤية السياسية السديدة، تأكدت صدقيتها من خلال تطورات ملف الوحدة الترابية، فيما بعد، وصولا إلى الوضعية الراهنة، بأنها خطوات صائبة، بكل المقاييس، لأنه نتيجة هذه المبادرة المحمودة، توطدت أواصر صلة الرحم بين الملتحقين وأبناء عمومتهم من الساكنة الأصلية، فاستقر بصفة نهائية هؤلاء المنحدرين رفقة أسرهم من القبائل الصحراوية المتنوعة الذين أقاموا بمخيمات الوحدة في كل مدن الأقاليم الجنوبية: العيون، والسمارة، وبوجدور والداخلة، بل من أبنائهم من ازدادوا وتزوجوا هناك، وخلفوا بدورهم أبناء، مما يعني ميلاد جدار بشري صحراوي وحدوي كفيل بتعزيز عملية الصد لكل الاستفزازات والمناورات، التي تحاك ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وهناك إجماع أنه لولا عرقلة الاستفتاء، بل العمل على نسفه من طرف خصوم القضية الوطنية، برفض قبول تسجيل عشرات الآلاف من المغاربة الصحراويين في لائحة من يحق لهم التصويت، وبالتالي إفشال مسلسل تحديد الهوية، وهو الأمر نفسه الذي جعل الأمين العام الراحل للأمم المتحدة ” كوفي عنان”، سنة 2004، يقر باستحالة تنظيم الاستفتاء، لولا ذلك، لكانت النتيجة قد حسمت لفائدة المغرب، بل لازال الخصوم متشبثين بمعاكسة المغرب حتى رغم تقديمه للمبادرة الجادة والجريئة لمقترح الحكم الذاتي، تحت سيادته الوطنية ووحدته الترابية التي تعتبر خطا أحمر، لا يمكن التنازل عليه، مهما تكن المساومة، لأن المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، عاقد العزم الأكيد على المضي قدما في الدود عن حياض مقدساته ووحدته الترابية. وجدير ذكره، أن هذه المبادرة لقيت استحسانا من طرف المنتظم الدولي لأنه الخيار الواقعي والجاد والممكن كحل جذري يحفظ ماء الوجه لكل أطراف النزاع، دون غالب ولا مغلوب، وفي مقدمتهم الجزائر باعتبارها المسؤول الرئيس والمباشر عوض «البوليساريو» التي لا تملك استقلالية قرارها، ويعرف العالم أجمع أنها صنيعته، ولذلك اقترح جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، استحضارا لحسن الجوار والمصير المشترك للبلدين الشقيقين اقترح في الخطاب الملكي للذكرى 43 للمسيرة الخضراء، آلية الحوار المشترك بين المغرب والجزائر، لمعالجة الخلافات وحلحلة القضايا العالقة لشعبي البلدين ولمصالح شعوب الفضاء المغاربي ومن خلاله شعوب القارة السمراء والعالم.
ومن خلال هذه التطورات المتعلقة بمسار الخلاف الإقليمي حول مغربية الصحراء، وتداعياته جراء استدامته، والبحث المتواضع في شؤون هذا الملف، ومعايشة محطات وأحداث من مشاهده السياسية، محاولا سردا كرونولوجيا لها، من خلال ما عاينته، عن قرب، في هذه التجربة، وما عبرت عنه عبر مقالات دونتها حين صدور مستجدات تتعلق بهذا النزاع المصطنع، الذي عمر طويلا، والذي اتخذه للأسف الشديد خصوم الوحدة الترابية ملفا للمتاجرة بمآسيه الإنسانية، أومن خلال مرافعاتي ومداخلاتي في عدة ملتقيات وطنية ومنتديات ومحافل دولية، وكذا عن طريق مشاركتي في العديد من الندوات الفكرية، فضلا عن حوارات وتصريحات لمنابر إعلامية، وجرائد ومجلات صحفية، أو عبر بيانات بشأن بعض المستجدات التي تستهدف النيل من الحقوق المشروعة والعادلة للمغرب في صحرائه، والتي صبت، في مجملها، في طرح مقترحات وبدائل لمجموعة من القضايا المختلفة ذات الصلة بموضوع القضية الوطنية الأولى، آملا أن تحظى بالاهتمام من الفاعلين الوطنيين والدوليين، بغية رفع تصورات وتوصيات شخصية، إن صح القول، وبعث نداءات ورسائل إلى مجموعة من الجهات والأطراف الوطنية، من خلال تماسك وتعزيز الجبهة الداخلية، وتكريس التعبئة الشاملة، عبر العديد من المجالات، أو الدولية التي يجب أن تمضي قدما في التعجيل بحل هذا النزاع الإقليمي، خدمة للإنسانية جمعاء التي تتوق لتحقيق مبادئ السلم والتعايش والتضامن، والتنمية المستدامة المنشودة لكل أقطار العالم، وفي صلبه المنطقة المغاربية التي تجمعها روابط الدين والعروبة والجوار والمصير المشترك، ومستقبل قارتنا الإفريقية جمعاء، التي هي في حاجة ماسة لتكريس مبادئ التعاون جنوب -جنوب من أجل أفريقيا موحدة، ومتماسكة، ومتقدمة، مندمجة ومتكاملة في ما بينها، قصد التغلب على العديد من التحديات وكسب مجموعة من الرهانات التي تفرضها ضرورة التكتلات الاقتصادية لعالم اليوم.
كما أتوخى من خلال هذا العمل المتواضع، الذي هو عصارة تجربة معيشة، أن يشكل إضافة نوعية إلى الذاكرة التاريخية الوطنية للمملكة المغربية لتكريس إذكاء الروح الوطنية، خاصة لدى الأجيال الحاضرة والمستقبلية، وأيضا أن يفيد المهتمين والباحثين بمعطيات ومعلومات تسلط الضوء على فترة مهمة ومرحلة ذات مكانة كبرى في مسار القضية الوطنية الأولى، من أجل تحصين الوحدة الترابية والوطنية بالصحراء المغربية. وتجدر الإشارة، في هذا الإطار، أنني احتراما لواجب التحفظ، تعمدت ذكر أسماء صفات الأشخاص، وتحفظت عن ذكر آخرين الذين عايشتهم، عن قرب، معترفا لهم ببصماتهم المشهودة في عدة مجالات، أو كذلك الذين، سامحهم الله، لم يتجرؤوا على التعامل الإيجابي، إنما كانوا سلبيين، بطريقة أو أخرى، بقصد أو بغير قصد، في ابتكار المبادرات الفعلية لحل مجموعة من القضايا، تاركا للقارئ (ة) الفاضل(ة)هوامش ومساحات لاستنباط ذلك، خاصة أولئك الذين عايشوا معي فترات من هذه المراحل والمحطات التاريخية، فتقاسمنا لحظات الضراء والسراء فيها.
عن المكتب الفيدرالي للائتلاف- عبد الواحد الزيات
لجنة الإعلام والعلاقات العامة