قام سعادة السفير المغربي السيد محمد مالكي سفير المملكة المغربية لدى الهند بتدشين العدد الخاص بسيرة وأعمال الإمام عبد الحميد الفراهي لـ”مجلة الهند” بسيرة وأعمال الإمام عبد الحميد الفراهي في جلسة افتتاحية للندوة الوطنية حول “الدراسات العربية في الهند وخارجها” بقاعة الشاعر الأردوي الكبير مير تقي مير بالجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي/ الهند.
هذا الجزء هو الرابع للعدد الخاص بسيرة وأعمال الإمام الفراهي، إذ نشرت ثلاثة أجزاء منه تناولت بالتفصيل أخباره وأعماله ودراسات العلماء والباحثين عنه. ويقع هذا الجزء في 668 صفحة، وينتهي هذا الجزء بقصيدة عربية قرضها الدكتور أورنك زيب الأعظمي مدير تحرير هذه المجلة.
ويدير د. أورنك زيب الأعظمي تحرير (مجلة الهند) التي تصدر عن مولانا آزاد آئيديل إيجوكيشنال ترست في البنغال الغربية، وينوبه في التحرير د. محمد معتصم الأعظمي، ويشارك في التحرير د.هيفاء الشاكري، ويشارك في عضوية هيئة التحرير د.محمد عمران علي ملا. وتتكوّن هيئة تحكيم المجلة من د. فيضان الله الفاروقي من الهند، ود. بشرى زيدان من مصر، ود.حسن يشو من قطر، ود.صاحب عالم الأعظمي من الهند. في حين تتكوّن الهيئة الاستشارية للمجلة من: د. مثنى حارث الضاري من العراق، والأديبة د.سناء الشعلان من الأردن، ود. صالح البلوشي من عمان، والسيد محمد دانش الأعظمي من البحرين.
ويحتوي هذا الجزء على سبعة عشر مقالًا وبحثًا علميًا بما فيها مقالات تتحدث عن حياة الإمام وأدوارها وأطوارها المختلفة كما تناقش بعض المقالات أفكار الإمام ونظرياته المختلفة وتفسير القرآن وأصول تأويله ومستوى تعيين بلاغته ومحكم نظامه المعجز، وكذا يشتمل هذا الجزء على مقالات تقارن الإمام بغيره من المفسّرين وتسلّط الضوء على نظريته التعليمية التي ظهرت في صورة مدرسة قرآنية باسم (مدرسة الإصلاح) وتعرّف بالمعهد العظيم الذي يهتم بنشر أفكاره وأعماله. ومعظم هذه المقالات كتبها كبار علماء الهند وخارجها.
وكذا نشر في هذا الجزء تحقيق ديوانه العربي وتخريج كتابه الفريد “في ملكوت الله” وكتابته عن فرائض الزوجين. وكل هذه الأعمال لم تبلغ العالم العربي فلا نجد العرب يتحدّثون عنها إلا بشكل إشارات وحتى نجد الهنود يبحثون عنها في مكتبة وأخرى كما أنّ الكتابة الأخيرة عن فرائض الزوجين التي أرسل بها الفراهي إلى أستاذه العلامة شبلي، لم تنشر إلا في مجموعة خطاباته ورسائله فلم يتعرف العرب عليها. وكذا اشتمل هذا الجزء على مقالتين عن الاعتراضات التي أوردها العلماء على آراء وأفكار الإمام الفراهي فردّ عليها الأستاذ نسيم ظهير الإصلاحي.
ومن ميزات هذا الجزء أنه يحوي بين دفيته ببلوغرافيا الأعمال التي أثرها الفراهي والتي كتبها الآخرون عن سيرته وأعماله في لغة من اللغات. وهذه الببلوغرافيا كما تدل على تهافت العلماء على أعمال الفراهي وقبولهم لها، فكذلك تعين كلَّ من يريد البحث والتحقيق على موضوع من المواضيع المتعلقة بحياة وأعمال الفراهي. نرجو من الكتّاب العرب والذين لم يتعرفوا على ما ألّف عن الفراهي باللغة الأردوية (التي هي أكثر اللغات احتواءً على المواد المنشورة عن الفراهي) نرجو منهم أنْ يجدوا جوانب حديثة عن حياة وأعمال الفراهي ويتشجّعوا على ما عملوا أو يعملون أو يريدون العمل على أيّ موضوع متعلق به
ويُذكر أنّ الإمام عبد الحميد الفراهي له مساهمة كبيرة في مجال الدراسات العربية والإسلامية. وقد ولد الإمام الفراهي في قرية “پھریھا” من قرى مديرية أعظم كره (ولاية أوترابراديش، الهند) في 1280ﻫ الموافق لـ1862م، كانت أسرته متميزة بالعلم والفضل والإمارة، وكان يعدّ أفرادها من أعيان المنطقة ووجهائها. بدأ الفراهي تعليمه بحفظ القرآن الكريم، ثم تعلّم اللغة الفارسية كدأب أبناء العائلات النبيلة في الهند وقرأ مبادئ كتب الفارسية على الشيخ مهدي حسن وبرع فيها وجعل يقرض الشعر فيها ولم يتجاوز عمره ستة عشر عامًا، ثم اشتغل بعد ذلك بتعلّم اللغة العربية، فتلمذ على ابن عمته العلامة شبلي النعماني صاحب كتاب “الانتقاد على تاريخ التمدن الإسلامي”، فأخذ عنه العلوم العربية كلها من صرفها ونحوها ولغتها وأدبها ومنطقها وفلسفتها، ثم اختص بالأدب العربي لدى إمام اللغة العربية وشاعرها المفلق في ذلك العصر الأديب العلامة فيض الحسن السهارنفوري واستفاد منه كثيرًا حتى فرغ من كسب العلم عام 1300ﻫ/1884م وهو ابن عشرين سنة وبعد ذلك تعلّم اللغة الإنجليزية حتى مهر فيها وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة علي كره الإسلامية.
وبعد أن أتمّ دراساته العليا جعل يدرّس في مدرسة الإسلام بـ”كراتشي” عاصمة السند، فدرّس فيها سنين، وألّف بها عددًا من الكتب. ومن هنا انتقل إلى حيدراباد وجعل يدرّس في دارها للعلوم حتى رجع إلى وطنه في أعظم كره وقضى بها ما بقي من عمره معلّمًا في مدرسة الإصلاح ومربيًا لجيل يتدبر القرآن ويستخرج نكته. توفي الإمام الفراهي في مدينة مدينة “ماثورا” في سنة 1930م.
أمضى معظم عمره في تدبر القرآن وخدمته، واستهدف أنْ يدوّن جميع العلوم والمعارف في ضوء هذا المنهل الصافي، لذلك يتعلق أكثر مؤلفاته بالدراسات القرآنية. أقبل الفراهي على تعلّم العلوم المساهمة في هذا الأمر فتبحر فيها حتى تضلّع من اللغة العبرية لهذا الهدف المبارك، ومارس كلام العرب من العهد الجاهلي إلى العهد الإسلامي حتى برع في شعر العهد الأموي آخر عهد للاستشهاد على فهم كلمة أو أسلوب فهمًا متقنًا وقد مهر فيه حتى دلّ على معانٍ بديعة لبعض كلمات القرآن وأساليبه مما لم يبلغه عالمٌ قبله وكان شاعرًا كبيرًا للعربية والفارسية والأردوية. ومن أهم مؤلفاته “جمهرة البلاغة” و”أقسام القرآن” و”دلائل النظام” و”أساليب القرآن” و”ديوان المعلم عبد الحميد الفراهي” و”أمثال آصف الحكيم” وكذلك كتب تفسير سور عديدة للقرآن الكريم.