
محمد سعيد الاندلسي
في مدينة طنجة، حيث تتلاقى أصوات البحر مع صخب الحياة اليومية، توجد شخصية استثنائية صنعت من العطاء والإنسانية رسالة حقيقية للمجتمع. فاطمة شطاني، رئيسة جمعية تكافل للأطفال مرضى الصرع والإعاقة، ليست مجرد قيادية في مؤسسة مدنية، بل هي أيقونة للعطاء المستمر، ومثال حي على كيف يمكن للفرد أن يغير حياة المئات من الأطفال وعائلاتهم.
منذ تأسيس الجمعية، كرّست فاطمة كل وقتها وجهدها لمساعدة الأطفال الذين يعانون من الصرع والإعاقات المختلفة، ليس فقط من خلال توفير الرعاية الطبية، بل أيضًا عبر الدعم النفسي والاجتماعي، الذي يُعتبر حجر الأساس في تمكينهم وإعادة بناء ثقتهم بأنفسهم. هي تؤمن بأن كل طفل له الحق في التعلم، اللعب، والتمتع بحقوقه الإنسانية الأساسية، بغض النظر عن وضعه الصحي.
ما يميز فاطمة ليس فقط قيادتها الإدارية، بل حضورها الدائم بين الأطفال وعائلاتهم. تجدها في كل مناسبة، من داخل فصول الدعم، إلى المراكز الصحية، وحتى أثناء الفعاليات المجتمعية، تستمع لهم، تشاركهم فرحتهم وأحزانهم، وتحرص على أن يشعر كل طفل بأنه مسموع ومقدر. هذا التواصل المباشر جعلها شخصية محبوبة وموثوقة، وأضفى على عمل الجمعية بعدًا إنسانيًا يفوق أي نشاط تنظيمي تقليدي.
لم تقتصر مساهمتها على الجانب المحلي فقط؛ فقد عملت على رفع مستوى الوعي المجتمعي حول مرض الصرع والإعاقات الأخرى، من خلال حملات توعية وورش عمل وجلسات تثقيفية في المدارس والمراكز الثقافية، مستهدفة الأسر، المعلمين، والأطفال أنفسهم. رسالتها كانت دائمًا واضحة: محو الصور النمطية، كسر الحواجز الاجتماعية، وتشجيع الأطفال على المشاركة والاندماج في المجتمع بلا خوف أو تمييز.
قوة فاطمة شطاني تكمن أيضًا في إدارتها الذكية للجمعية، حيث عملت على بناء فريق متكامل من المتطوعين والخبراء، وضمان تنظيم برامج مستدامة تشمل التعليم، العلاج، والنشاطات الترفيهية. كل مشروع أو حملة تتبناها الجمعية يعكس رؤيتها العميقة وفهمها لمتطلبات الأطفال الخاصة، ما جعل الجمعية نموذجًا يحتذى به في المجتمع المدني بطنجة والمغرب.
وعلى الصعيد الشخصي، تصف فاطمة عملها بأنه رسالة ومسؤولية أكبر من أي تحدٍ شخصي. هي تؤمن بأن الأطفال هم المرآة الحقيقية للمجتمع، وأن الاستثمار في سعادتهم وتمكينهم هو استثمار في المستقبل. لذلك، لم تتوقف لحظة عن البحث عن حلول مبتكرة، سواء من خلال جمع الدعم، أو التعاون مع مؤسسات صحية وتعليمية، أو ابتكار برامج تساعد الأطفال على تحسين جودة حياتهم ومواصلة أحلامهم.
في زمن تختلط فيه الأولويات وتكثر التحديات، تبقى فاطمة شطاني مثالًا حيًا على القيادة الإنسانية، وعلى القوة التي يمكن أن تمتلكها الإرادة الصادقة في إحداث فرق حقيقي. هي أكثر من رئيسة جمعية؛ إنها أم لكل طفل يحتاج إلى من يسمع صوته، ويقف بجانبه، ويدفعه نحو حياة أفضل. وبفضل جهودها المتواصلة، أصبح هناك في طنجة، لكل طفل مصاب بالصرع أو الإعاقة، أمل جديد، وفرصة ليعيش حياة مليئة بالكرامة والسعادة.
				
					
					


