الخرطوم رانيا بخاري
عندما أراد سيدنا عمر بن الخطاب ان يشرع فترة غياب الزوج عن منزل الزوجية نادى على ابنتها حفصة وقال له كم تصبر المرأة على غياب زوجها استحت ابنتها حفصة فقال له لاتستحى اريد ان اشرع فقالت هنالك من تصبر ثلاثة أشهر وهنالك من تصبر ستة أشهر ثم اردفت قائلة تتفاوت فى ذلك النساء
ففجر الثلاثين
قبل محى ثورة الإنقاذ كان عدد المغتربين فى السودان معروف على مستوى الأسر ولكن بعد الانقاذ أصبح السودان طارد لكل أفراد المجتمع فالشباب تطارده الحكومة كما يطارد الصياد الفريسة من أجل الزج به فى أتون حرب جنوب السودان تلك الحرب الباطلة والإباء يكافحون قدر لقمة العيش التى لاتسد صراخ الجوع وعندما ساءت الظروف يمم كثير منهم وجه صوب المجهول البعض شق طريق الصحراء إلى ليبيا ومات من مات فى الصحراء من العطش ومن وصل جاهد فى الحصول على اى عمل والبقية توجهوا شمال الوادى إلى مصر من أجل الحصول على اللوترى
ففى الخمسة سنوات الأولى من عمر الإنقاذ تم تفريغ المنازل من الرجال وأصبحت الأسرة تعيش أما من حوالة بنكية من ابنهم المغترب او من هبة حكومية من موت ابنهم فى حرب الجنوب
او من عمل من يكفلهم فى وظيفة حكومية
وانسحقت الطبقة الوسطى بين الطبقتين الأمن رحمة الله
ووصل الأمر فى قرى الريف من جراء غياب الرجال ان قامت النساء بدفن الموتى فى سابقة تعد أولى من نوعها فى بلد مسلم
وللاغتراب قصص عديدة على ملئ السمع لأن سنوات الغياب تطول وتبلغ عمرا يستوى فيه الابناء عمرا يفوق سنوات غياب الأب
فيحكى ان هنالك أب غاب ردحا من الزمن وثم كتب الله له اجازة ولما عاد إلى بيته وجد ابنه قد كبر وتعود على غياب ذلك الأب وعند عودة الأب اعترض الابن على دخول والده إلى غرفة أمه فكان يقول لامه من هذا الرجل
وبعد ان تتراكم سنوات الغياب يصبح من العسير جدا ان يندمج الأبناء مع الآباء فالغياب يعزل البعض عن البعض اختلافا فى الطباع وأنماط السلوك
عاد من الغربة
منذو ان كن صغار نسمع ان والد تلك الأسرة مغترب ولم نسمع يوما انه قد حضر فى اجازة وفى يوم من الأيام استيقظنا على نبأ عودته بعدما شاب راسه وقيل انها التقى باابنه فى الشارع وسأله قائلا له هل تعرف منزل فلان فقال الابن انا بن فلان فنفجر الأب باكيا لعدم تعرفه على ابنه الذى أصبح فى طوله
ومازال الأب غايب عن دفتر حضوره اليومى فى بيته فإلى متى هذا الشتات فهل من امل.