الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا
خيركم من تعلم القرآن و علمه و العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ, اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ, الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ, عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. صدق الله العظيم.
قال رسول الله: (إنَّ لله أهْلِينْ، قِيلَ من هُم يا رسُول الله؟ قال: هم أهلُ القرآنِ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ)
قال السلف رحمهم الله علم إبنك القرآن وأترك القرآن يعلمه كل شيء.
تمهيد /
الحمد لله جليل النعم التي لا تعد ولا تحصى، باعث الهمم مفرج الغم و الكرب، ذي الجود والكرم، الحمد لله الذي جعل لأهلِ القرآنِ مزيةً ومنزلة رفيعة عليا، ثم الصلاة والسلام التامانِ الأكملان على خيرِ البرية وأزكى البشرية، إمام المرسلين, خير خلق الله سيدنا وحبيبنا محمدِ بن عبدِ الله، صلى الله وسلم صلاة دائمة تملآ الأرض و السماء. اليوم وغدا أبدا ودائما سرمدا وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه الكرام ومن والاه وعلى تبعة تبعته بإحسانه إلى يوم الدين.
أما بعد :
إذا أراد الإنسان تخليد لذكراه بين الناس عليه أن يترك أثر طيب يفوح أريجه و يعبق في كل حدب وصوب لا ينسى، وما أطيب أن يترك الإنسان أثرا صالحا من علم ينتفع به ويشرح الصدور، أثر يخلد أسمه و يسعى لتغير البشرية ويحررها من الجهل إلى العلم و يخرجها من الظلام إلى النور، يشهده العالم بأسره بأنواره الساطعة. ولا أثر بعد أثر القرآن وربيعه ونوره فاللهم أجعلنا من أهله وقرائه يارب.
الحدث/
في أمسية ربيعية مشمسة بفضاء ساحة مسجد الأخوة بلامينو بستراسبورغ, إحتفلت لجنة المسجد برعاية إمامها فضيلة الشيخ صالح فاي, معية معلم القرآن مربي الأجيال الأستاذ سفيان بورماق و بحضور أعضاء الجمعية وإطارات المسجد مهم الأستاذ مجيد حميتي و المقدم العم الحاج عمار و الأطفال الطلبة المحتفى بهم المكرمين من حفظة كتاب الله ومستظهريه كبارا و صغار ذكور و إناث. في جو بهيج و فرحة عارمة لا توصف لأهاليهم. في ساعة لا تنسى أدام الله فضل القرآن على الدوام.
بعد صلاة العصر أفتتح الحفل على بركة بسم الله, بخير ما تفتتح به مجالس الذكر و التلاوة و المتون. بتلاوة آيات من الذكر الحكيم. تلاها على مسامع الحضور الطالب القارئ من الناشئة إلياس البتكمنتن من مستظهري كتاب الله حفظه الله.
وبكلمة ترحيبية لفضيلة الشيخ صالح فاي, جاء فيها ضيوفنا الأكارم حضور حفلنا المبارك هذا, نحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم و رحمة الله وبركاته, سلام نابع من القلب يطيب شذاه مسكا وريحانا ويحمل في طياته حبا ووفاء, تحية أهل الجنة لآهل القرآن و خاصيته.
أيها الحضور طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتكم من الجنة منزلا ومقعدا, فحضوركم شرف لنا ويضفي على حفلنا أنسا وسرورا فبارك الله في مسعاكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم اللهم أمين.
إن حضوركم أروع من الجمال, إجتماع هذه الوجوه الطاهرة النيرة في هذا المكان المبارك والزمان المشهود بالتلاوات العطرة من الحناجر الصادحة المتردد صداها من كل شبر وزاوية وعلى مائدة كتاب الله, نعم موائد القرآن التي يحلو اللقاء حولها و لها.
فها هي حلقات مسجد الأخوة بلامينو أتت اليوم لتنثر لكم الدر والياقوت كعادتها, فنحن في عصرنا الحاضر هذا بحاجة إلى القرآن نتلوه ونتدبره وتعلمه ونعلم لنحيا به ونتعامل معه ونعمل به. ونتحرك به لنصلح أنفسنا ونخدم به مجتمعاتنا على هديه ونقيم مناهج حياتنا على أسسه المتينة.
فكان القرآن الكريم هو المنطلق الذي عشنا في ظلاله. وحاولنا أن نغترف في حلقاتنا من بحور كنوزه وأن نرتوي من معينه العذب نعم. واليوم نجتمع في لقاء ودي نتذاكر فيه أيام سلفنا السابقة, لنعتبر منها و ننهج دربهم حتى لا نظل و لا نزيغ ما زاغ البصر .
لقاء متنوع نجد من خلاله أنس الإجتماع وتنوع الفائدة وتكريم ركب القافلة التي سارت لسنوات عدة وهي تتطلع دوما إلى سلم المجد علها تقودنا إلى جنان الخلد.
فضل المعلم و دوره/
قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.
بفضل الله ومن منه كان الفضل لفضية الشيخ الأستاذ سفيان بورماق, المربي معلم الأجيال, سليل نور العلم وشرف نور القرآن, واحد من أعمدة معلمي القرآن الكريم بمساجد و مراكز ستراسبورغ عامة و مسجد الأخوة بلامينو، وتقاتها المتواضعين، الراسمين نهج النور في نفوس أجيال متلاحقة من أبناء الجالية.
الشيخ سفيان بورماق الأستاذ الأنموذج في التعليم القرآني وإجازاته لطلبته. المعلم القائد والمثل الأعلى الذي يهتدى به. له دور جليل على مدار السنة في تنشئة الأجيال سواء بتربيتهم على الأخلاق الحميدة والفضيلة وإمدادهم بالعلم ومناهج التعليم القرآني. والذي أشاد الجميع على الدور الإيجابي الذي يقوم به في الجانب التوعوي الذي أتي بثماره المشهود لها من خلال هذا النجاح المبهر والتلاوات الرائعة التي أثلجت صدور الحضور، خاصة خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى تجاوب الأولياء في تحفيز وتشجيع أولادهم بالإلتحاق بحظيرة القرآن الكريم، مما سهل العمل وأمن أعدادا لابأس بها من الطلبة الأطفال وشجع على الحرص والمضي قدما في منهجية التعليم.
التحفيز و التشجيع :
تعددت طرق الإهتمام والتحفيز والتشجيع على حفظ القرآن الكريم لدى الجميع، وكثرت وتنوعت لاسيما في المواسم والإحتفالات المقامة بمناسبة حفظة القرآن في العالم الإسلامي برمته في حواضره وقراه، بينما في خارج الديار منها أوروبا عموما و فرنسا خصوصا بلامينو ستراسبورغ عاصمة الآلزاس. جاء ذلك إذكاء لروح المنافسة فيما بين الطلبة وتكريما لهم على إجتهادهم، ومكافأة لتفانيهم في حفظ كتاب الله العزيز والرفع من معنوياتهم و تشريفهم أمام الحضور وأهاليهم للإفتخار بهم.
ومن الحدث الذي يلقى العناية لدى طالب القرآن, هي اللحظة الذي يتوج فيها أمام الجميع وأهله و ذويه فرحة و بهجة. ليزداد حرصا بعد المرتبة التي منحت له لتعزيز رصيده العلمي، التي وصل إليها و المكانة التي كرم لأجلها.
الجميل المميز المحفز:
للعلم والمفرح المحفز هو أن هؤلاء الأطفال المتفوقين المكرمين حديثي السن هم من مواليد فرنسا وتنشئتها في ترابها, من مختلف الجنسيات واللهجات. إلا أنه بفضل الله وحرص أهاليهم ومعلميهم والقائمين الساهرين على توفير التعليم القرآني. عرفوا القرآن الكريم وأحبوه و تعلموه وحفظوه.
فرحة الحفل وبهجته/
هو حضور الإبنة البرعمة صاحبة أربع سنوات من العمر بكل ثقة في النفس وشموخ وكبرياء وكأنها من كبار المقرئين.
لحظات التكريم /
كانت بداية التكريم مع الطالب طارق كنش الحافظ لكتاب الله ومتممه حفظا و تلاوة و الذي قرأ بعض الصور و ما تسير من سورة البقرة بطلب من معلمه الشيخ سفيان بهدية رمزية متواضعة تكون له وسام يوشح به رصيده, وبعدها تم تكريم الأطفال والبنات, المتوجين نظير حفظهم لأجزاء من القرآن
المكرمين /
وإشتملت التكريمات على عدد من الطلبة و الطلبات منهم على سبيل المثال لا الحصر: الطالب إلياس حفظ القرآن احدى عشرة 11 حزبا كاملا، وأخته منال سبعة 07 أحزاب ,ورأفت ثمانية 08 أحزاب , ولينا سبعة 07 أحزاب , وإبراهيم خمسة 05 أحزاب و محمد ثلاثة 03 أحزاب.
ويأتي هذا التتويج القرآني في حلته الجديدة مواصلة لسلسلة التتويجات و الأفراح لمثل هذه الدفعات القرآنية المتتالية و المتعاقبة لسابقيهم, وذلك بفضل الله و بتضافر جهود الخيرين و الداعمين و المشجعين للعمل على إرساء قواعد وجود المساجد و توفير المدارس القرآنية، والتي أتت ثمارها بتشجيع الوافدين على القرآن على تزايد الدخول في الإسلام, في فرنسا من سنة إلى أخرى بقناعة شخصية وإختيار, كون يعتبر الإسلام الدين الثاني إعتناقا فيها وإنتشارا من يوم لآخر.
للإشارة، يهدف هذه التكريم البسيط في نوعه من خلال هاته الجائزة الرمزية إلى مزيد الإهتمام بالقرآن الكريم حفظا وتجويدا وتفسيرا والإسهام في إعداد الحفاظ إعدادا متقنا في الحفظ والتلاوة والأداء. ويأتي تكريم أهل القرآن الكريم والإهتمام بهم, لحثهم على نشر المعارف المتعلقة بعلومه برمتها. ولربط الناشئة به وغرس محبته في نفوسهم والعمل على تثبيت قيمه وفهم معانيه وإكتشاف المواهب الشابة من الجيل الصاعد لإبراز قدراتها وصقلها و لأجل تحقيق التعارف بين أهل القرآن الكريم وربط الصلة بينهم ولتشجيع روح التنافس الشريف بينهم.
إستثمار الوقت :
إستثمارا للوقت و ربحه ولتمكين الأهالي و الأسر المكرمين أباء وأمهات , أبناء وحفدة رفقة ضيوف الجمعية , نضم فضاء ترفيهي نهاية الأسبوع الأخوة . فضاء مرح و متعة و ما لذا وطاب من شواء و مشروبات و حلويات على أنغام حكايات قصص الأنبياء عليهم السلام والبطولات التاريخية لأبطال و شخصيات أنبهر بها الجميع .على مدار يومين أستمتع فيها الجميع و روحوا فيها عن النفس أين تنفست الصعداء لساعات طويلة أمتدت من الظهيرة لقرب حلول الغروب في جو أقل ما قيل عنه أنه عرس عائلي منتظر منذ زمن طويل.
أدام الله القرآن وأفراح القرآن و أهله و حفظ الله القائمين عليه.