رواية “الراقصات لا يدخلن الجنة” لحنان الدرقاوي عمل جديد يرصد أعطاب المجتمع

عبدالغني لعويسي

أصدرت الروائية المغربية حنان درقاوي عملها الروائي العاشر ،المكون من  476 صفحة الصادر عن دار النشر الفاصلة في 2020 بعنوان الراقصات ” لايدخلنا الجنة” بعد روايتها السابقة المعنونة “بالخصر والوطن ” ،وتعتبر الروائية المغربية حنان درقاوي من الروائيين المغاربة الذين استطاعوا خلق مناخ إبداعي مختلف وجرئ من خلال الخوض في أعطاب الذات والمجتمع بأسلوب أكثر جرأة  وعمق بحكم تكوينها المتشبع بالفكر الفلسفي وعلم النفس وتجاربها الحياتية، وقد كان لمكتبة الوالد سبب في هذه الغزارة المعرفية والتي استطاعت من خلالها أن تكتنز الكثير من المعارف في سن صغيرة ،ونظرا لطموح الكتابة وهوس التحصيل الذي يتملكها استطاعت بدافعه التخلي عن الأستاذية في السلك الثانوي بحثا عن أفق أكثر رحابة، لتطلق العنان لأجنحة الهوس والطموح فتحط الرحال بالديار الفرنسية  ليستمر التحصيل والكتابة بلغة تسكنها، رغم إحساسها بمرارة اللا مكان إلا أنها استطاعت أن تخلق من اللاءات أمكنة لها ، لكي ينطق الصمت بوجع الأعطاب ، وتعتبر روايتها الجديدة الراقصات لا يدخلن الجنة، لسان روائي يتحدث عن ذلك التقاطع الذي يوصل إلى البشاعة المجتمعية ،عبر تلك النظرة العدوانية المتوحشة والدونية التي تجرد الإنسان من إنسانيته، وتضعه في دائرة الشئ الموصل إلى خراب وجوده الإنساني  .
حاولت حنان درقاوي  في روايتها هذه ، إظهار مدى الانكسار الذي تعاني منه طفولة كتب لها أن تولد خارج الإطار الشرعي ، بالإضافة إلى نظرة المجتمع القاسية والدونية لهذه الفئة ،حيث تقول في روايتها الراقصات لا يدخلن الجنة  (…هذا ما عاشته سارة وهي طفلة صغيرة، حيث كان عليها أن تحمل مشاعر الدونية والذل والنقص والاستبعاد الاجتماعي، وهي مثقلة بمشاعر الذنب والخطيئة والعار، باعتبارها طفلة حرام وفاحشة…) فالقارئ لهذه الرواية يجب أن يتسلح بالتركيز ليدرك عمق الكتابة وبلاغة الصناعة الإبداعية، فحضور الحس الأدبي لم يغيب التكوين الفلسفي وعلم النفس الذي كان حاضرا من خلال تفتيت الشخوص وملامسة الوجع، مما جعل هذه الرواية تقدم قراءة نقدية للمجتمع بأسلوبين مختلفين، تحاول من خلالهما إظهار الانفصام المجتمعي وتناقضاته التي خلقت هوامش مسكوت عنها ،مما أدى إلى خلق شرخ مجتمعي كبير، تضيف حنان الدرقاوية في الصفحة  46 من روايتها (…في بيت جدتها كانت تسمع الكثير من الأشياء السيئة عن سيرة أمها فهي التي جلبت فضيحة للعائلة وهي المذنبة، المدنسة بعار حمل غير شرعي جعل الأسرة تنتقل من مدينة آزرو إلى إيفران لتبدأ فيها حياة جديدة بعيدا عن كلام الناس وما أقساه. كانت كل كلمة  عن أمها تشكل طعنة في صدرها فهي ثمرة ذلك الفعل الشنيع…)
تعتبر هذه الرواية من الكاتبة بمثابة صرخة غضب في حق مجتمع قاسي وعنيف  خلق تركمات و هوامش ووجه لها سهام قسوته دون رحمة، وقد  استطاعت الروائية عبر هذا السفر الإبداعي أن  تقدم لنا طبقا روائيا بطابع فلسفي وفكري عميق لكنه لم يبتعد عن حس السرد الروائي الجميل الغني بالتحولات المكانية والزمانية  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى