شاهدت اليوم الفيلم الروائي القصير للشابين المغربيين حمزة الدقون وحمزة المعزي، وهي أول تجربة مشتركة بينهما، أعجبتني الفكرة وكيفية الإشتغال عليها، فكرة دفع الحساب في الحانة التي تتحول الى يوم للحساب أو يوم للعقاب والإنتقام، حسب ما اقترفه الشخص من أعمال في حياته، فقبل مغادرة الحانة على السكير أن يوجه سهاما إلى دمية على شكل إنسان، والعضو الذي استهدفه سهمه يصاب فيه واقعيا في حينه أو لاحقا، هي رؤية محترمة يمكن أن نصنفها بشكل غير مباشر ضمن الكارما ببعدها الأخلاقي لا العقائدي ولا الفلسفي، حيث يستوجب الشر العقاب بمفهوم آخر مغاير يتحقق بيد المُعَاقب نفسه، الذي يختار بدون وعي مصيره، والحارس على التنفيذ هنا هو نادل الحانة.
لا يمكننني أن أتحدث عن هذا الفيلم تقنيا، فالشابان حاولا بالإمكانيات المتوفرة لديهما فرض رؤيتهما والتوسع في معالجتها فنيا وإبداعيا قدر الإمكان حسب الحيز الزمني الذي يفرضه الفيلم القصير، وحسب ما بين أيديهما من إمكانيات كما قلت، لكن ما لفت انتباهي هو التشخيص القوي للممثلة عتيقة العاقل التي شخّصت الفكرة ولا أقول الشخصية بشكل احترافي، فهذا الفيلم وبعيدا عن شخصياته يبقى في مجمله عبارة عن فكرة ورؤية، وهذا يحسب لها، تشخيص رفع من مستوى العمل وأعطاه دفعة قوية رغم هوايته تقنيا وتشخيصا أيضا لدى بعض الممثلين المشاركين.
دائما أقول إن المخرج الشاب الهاوي هو مناضل سينمائي حقيقي يمارس فعله السينمائي بشغف وحب، دون طمع ودون بكاء على الدعم والتمويل وماشابههما، وهي ثقافة للأسف احترفها بعض المحترفين رغم كساد بضاعتهم، وتحت ظل قلة الإمكانيات والظروف القاسية التي نعرفها جميعا، تصبح الموهبة والإجتهاد والإرادة والطموح والأمل، عناصر مساعدة تساهم في الرقي بجذوته الإبداعية وتوقدها داخل اطار تجريبي مكتمل الأضلاع، قد نصفق له إذا ما نجح، ونشجعه إذا ما أخفق، ففي كلتا الحالتين له أجران.