
محمد سعيد، من يكون؟ كيف تقدم نفسك؟
محمد سعيد، إنسان يحلم بعالم أفضل، وأن تكون حالما، ليس معناه أنك غير واقعي، والحلم بعالم أفضل، هو في حقيقته أمر متلطف، غير متطلب، فنحن لانبحث عن عالم مثالي. لكن أن تتواجد في عالم يسمح للك باقتراف الأخطاء، ثم يساعدك على إصلاحها، والتعلم منها، فذلك عالم أفضل. ثم إنه الحلم القابل للتفعيل، للإنجاز.. وكم يبدو رائعا أن تتحقق للواحد منا بعض أحلامه النبيلة، وهو على قيد الحياة، أو على قيد الحلم كما يقولون.. شخص كهذا لابد أن يعتبر محظوظا، وناجحا ولو بشكل نسبي، حسب تعريف كل واحد منا لكلمة نجاح.
من اي الأبواب دخلت الكتابة و كيف أبحرت فيها؟
من الصعب أن أكون جازما، حين يتعلق الأمر ببداية هذه الغواية، لا أحد منا ينتبه متى يقع في الحب، متى يصيبه مس الأدب، وتسقمه عدوى الإلهام، وهي تنتقل إليه من مبدعين سابقين، أساتذة أعلام، بالإمكان فقط أن نشير إلى تشابه هذه البداية مع دخول موسم ما، وبلوغ مرحلة معينة. ثم يأتي ذلك اليوم، الذي لابد وأن تتساءل خلاله ما الذي أفعله؟ ثم تجيب نفسك بخجل، نعم أنا الآن أضيف للمشهد الإبداعي شيئا، أنا الآن أسير على خطى أساتذتي، وكل من سبقوني للإبداع.. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد محمد البقاش، فريد الأنصاري، عبد الكريم الطبال، عبد الله البردوني.. نعم إنني أحبو حبو المريد تحت ظلالهم الوارفة.. أقطع خطوات بعضها يمنحني الثقة، وبعضها يتعثر بي أو أتعثر به، لكن وكما في كل تجربة، لابد وأن يساعد أحدنا الآخر، أنا والأدب، فلقد كان الصمود منذ أزل عصوره فكرة، ولسوف يظل فكرة.. فكل المواقف، وكل الأفعال والأقوال، هي في أصلها فكرة.
لماذا تكتب؟ و لمن؟
لماذا أكتب؟ هذا السؤال ذكرني تفكيري في جواب له، بقول الشاعر: سألوا المغني لماذا تغني؟ فقال: أغني لكي أغني. بمعنى أن الكتابة هي فعل ذاتي أول الأمر، هي تلبية لحاجات ونوازع نفسية خاصة بالكاتب، فهي وسيلته الجميلة جدا لامتاع نفسه، والتصالح مع ذاته، هي فرصة كل كاتب، لكي يهمس لنفسه أنه حر أن يمارس حريته، وحقه في التواصل والتعبير. وأنت تمارس ذلك البوح الصادق والكشف الشجاع، عما تعنيه لك الأشياء والأسماء والتجارب، وكيف أثرت فيك الوقائع العظيمة والبسيطة، وكيف عاصرت تفاصيل المعيش. سوف تحقق ذلك الرضا المتفرد، مع نفسك أولا، ثم تنتقل بعد ذلك، إلى دائرة أكثر رحابة.. إنها دائرة الحوار الجماعي، والإسهام في إثراء الإرث الإنساني، من خلال طريقة التعبير التي اخترتها، أو بالأصح الجنس الأدبي الذي تجد فيه نفسك، بالنسبة لي كان الشعر ولازال، مفتاح القلوب والضمائر ولغة العشق والجمال العالمي. ثم لنا بضع إسهامات في السرد. محمد سعيد المقدم
يكتب للجميع، لكل قارئ، لكل عاشق للأدب.. الكتابة طقس تفاعلي بالمقام الأول. يقال: ثمة كاتب يستحضر أشخاصا بعينهم قبل الشروع في الكتابة، ثم يوجه الخطاب لهم بشكل افتراضي، ولا أعتقد أنني أنتمي لهؤلاء، عندما أكتب أتخيل كل البشر الواقفين على خطي التقاطع والتوازي معي.. ثم أتخيلهم شخصا واحدا.. إنها تلك الحالة من تماهي الفرد مع الجماعة، على حد قول الشاعر: مفرد بيصغة الجمع.
أجمل ذكرى لك مع الكتابة، سواء نصا او حالة او ظرفا؟
حسنا.. إنها قصة حب، ولن يكون البحث عن عنوان لها أمرا صعبا.. هي إذن قصة حب، بعنوان، “نور” فلا ذكرى مع الكتابة أجمل ولا أروع.. من ذكرى اندماجي مع كلمات زوجتي الغالية فدوى الشماشي، وانسجامها مع كلماتي، وكيف تقمصت أحرف كل واحد منا، معاني الآخر. فلقد كانت بداية تعارفنا عن طريق الكتابة، وإلى اليوم لازال هم الكتابة يجمعنا.. وحلاوة الإبداع، طبق رئيسي نضعه على مائدة طعامنا اليومي. كان لقاؤنا في معرض للكتاب، ولعل كل الكتب التي كانت هناك، في ذلك اليوم.. لازالت تروي قصة تلاقينا الرائعة.
بماذا تحلم ككاتب في سنتك المقبلة؟
هذه المرة جوابي لن يكون مجازيا، ولا بلاغيا، فالحلم كما قلت في معرض ردي على سؤالكم الأول، لابد وأن يترجم إلى حقيقة. من أجل هذه السنة المقبلة، عملت ولازالت، جادا لكي أنشر ديوان شعر مطبوع. وأيضا أن نتمكن أنا وزوجتي من تحقيق تقدم في مجال مسرح الطفل، كنت ومنذ سنوات حريصا على توجيه براعم المستقبل، وتشجيع المواهب الصاعدة، والأخذ بيد الطفولة نحو آفاق أرحب، وذلك من خلال أساليب تربوية علمية وعلمية، ومناهج تلقين حديثة.. هذه خطوات نظنها هامة، ومباركة إن شاء الله، للإشارة فقط عمل كهذا، هو فعل مشترك ومسئولية نتقاسمها نحن والسادة الأفاضل الأطر التربويين معلمي وأساتذة، ومبدعي، إئتلاف طنجة. وكذلك مركز انطلاقة ومنظمة البيت العربي. وأيضا كان لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية والتكوين بطنجة.. فضلا كبيرا على تأهيلي لهذه المهمة.
كيف كانت سنة 2023؟
أولا سنة 2023 كانت أجمل سنة في حياتي.. ومبعث ذلك هو حدث شخصي غير تاريخي ككل.. أنه حدث ازدياد طفلتي الغالية “نور” والتي أتمنى لها حياة رائعة.. وأن تكون اسما على مسمى، فتضيء بوجودها عالمها المستقبلي، كما أضاءت عالمي. وأن تكون بتوفيق من الله عز وجل، من ورثة العلم والمعرفة، أن تكون من المصلحين في الأرض، المتمسكين بالهوية، بالدين والوطن..
في العام المنصرم، كانت هناك الكثير من العثرات والقفزات الموفقة بعون الله الكريم، فالحياة هي ذلك المزيج الرائع من المحبة والطموح والخيبة والتفاؤل، والمزيد ثم المزيد من الصمود. والتطلع نحو الأجمل..