محمد سعيد الأندلسي .. الأمار بالقفز على حواجز المستحيل..!!

حسن بيريش  

 

(1)  لم يحدث أن التقيته دون أن أجده منكبا على مشروع ثقافي أو إعلامي يستوعب توثبه.

دائم الانشغال هو بما يلبي طموح خطواته الكثار.وتطلع زخمه الذي لا يفتر.وروحه التي لا تستكين إلى هدوء.

دوما أجده ثاني إثنين:

هو وحاسوبه.

هو الأمار بالقفز المزمن على حواجز المستحيل، مبتغيا بلوغ حلبة الممكن.

وحاسوبه الذي يلهث وراء سيزيفية صاحبه، الذي يتفنن جدا في توظيف جماع قدراته عبر ضغطة أزرار مبدعة.

هكذا أرى محمد سعيد الأندلسي:

الرجل الذي يجمع في إهابه شتات الفنون.ويسير بهامة أبدا ما عرفت الانحناء إلا أمام رغبة في التفوق.

هذا دأبه.

(2)  عرفت هذا الأندلسي الماهر دوما في اقتراف الاستثناء، سنين عددا.ما ضبطته يوما إلا هو يتأبط نجاحا إثر تفوق.غير معني بسوى مراكمة ما تجيش به دخائله من فن وإبداع.

يغيب عن حاسة بصري شهورا.

ويظل على مرمى بصيرتي لا يحيد.

ليس لأنه ذاك الصديق الذي أقتسم معه عشق الحرف.ووجع السؤال.وهاجس الصمود.

بل لأن صنيعه المتفرد يضعه في صلب انتظاري.ويضعني في أوج ذاكرته المعطاءة.

وكلما إليه عدت، كلما إلي مارس أوبته:

أجد عنده، وفيه، جديدا آسرا يستعرضه علي بشغف طفل أبى إلا أن يجعلني شاهدا على فرحه المكتمل.

الأندلسي:

– سي حسن، طوال أشهر اشتغلت على مشروع إعلامي أتمنى أن أسمع رأيك فيه.

بيريش:

– هات ما عندك الآن.إلي بتفاصيل مشروعك لأرى أين رست سفينة طموحك.

هكذا أدرك أنا سبب اختفائه غير المعلن.

هكذا يعرف هو سبب ظهوره المبرر.

هذا غوره.

(3)  اشتغلنا معا في تلفزيون قرطبة.

ولأول مرة في مسار علاقتنا، سيخاطبني بكلمة أستاذ دون أن يتخلى عنها رغم رفضي لها.

سيقول لي يوما:

– أنت صديقي خارج المؤسسة.أما هنا في العمل فأنت رئيس التحرير.ورئيسي المباشر.

هكذا هو محمد سعيد الأندلسي:

رجل يجعلني قيد المحبة والاحترام.سواء باعتباره صديقا.أو باعتباري رئيسا للتحرير.

إنه من جبلة نادرة.

يمتح من ينابيع الإجادة في أيما سلوك.ويغرس أزاهير بهائه في كل المشاتل اليانعة به، وفيه، وحواليه.

هذا عنفوانه.

(4)  مذ جمع بيننا الولع المشترك، مذ تقاسمنا غدق المحبة:

لم أكف لحظة عن النظر إلى محمد سعيد الأندلسي باعتباره رجلا مشمولا بأخلاق الفرسان.

إنه يكن جماع التقدير لوجود المرأة في حياتنا.ليس نظريا فحسب، بل عبر التنفيذ الفعلي.

حمل هذا الرجل الزاخر على عاتقه، هو المنفرد المعزول عن مطالع الدعم، مشروعا إعلاميا كبيرا، ومتفردا، بل وغدقا، في شكله، كما في جوهره.

تلك هي:

مجلة رائدات.

المجلة التي تحدى بها نفسه، وهزم عبرها توقعاتنا، وأصدرها من أجل غاية كبيرة وذكية ونبيلة معا:

جعل النساء المغربيات / العربيات قيد الاحتفاء بريادتهن في عوالم العطاء المدرار.

ومذ ذاك الرهان، وحتى هذا التتويج:

يواصل مدير رائدات – بإصرار عجيب وجميل – حمل مشعل كتابة صفحات نضرة من عظمة المرأة.

هذا شأوه.

(5)  محمد سعيد الأندلسي:

كبير هو في بساطة باذخة.

بسيط هو حد العنفوان.

سريرته تشي بظاهره.وعمقه صنو لتجليه.

على الدوام، أصف هذا الرجل بعبارة مني لم يقيض له يوما أن يسمعها مني.

ها هي ذي العبارة:

وديع في قوته، قوي في وداعته.

هذا غناه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى