معجزة الزمان والمكان تحت شعار (سبحان الذي أسر بعبده ليلا) ذكرى الإسراء و المعراج من مسجد ستراسبورغ الكبير . 

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا.

الجالية الإسلامية تحتفل بذكرى ليلة الإسراء والمعراج , بحضور الشيخ الأزهري الدكتور رمضان عبد المعز العائد إلى الألزاس بفرنسا 

مقدمة : 

كعادتها السنوي وإحياء كل المناسبات الدينية على غرار باقي الجهات, إحتفلت الجالية الإسلامية عامة والعربية المغاربية خاصة من مسجد ستراسبورغ الكبير, بذكرى الإسراء والمعراج على صاحبها إمام المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم نبينا محمد بن عبدالله. الذي أسري به ليلة 27 من شهر رجب في رحلتي الإسراء والمعراج.
بحيث يحتفل العالم الإسلامي بهاته الذكرى العظيمة من عظمة صاحبها في هذه الليلة المباركة من كل عام بهاذه المناسبة الدينية من خلال التلاوة العطرة والذكر الحكيم وقراءة سيرة النبي الحبيب وسرد المعجزة الإلهية التي خصه الله بها. 

تمهيد : 

ككل يوم من مثل هذا اليوم التاريخي. تحتفل الجالية الإسلامية عامة برمتها لمختلف الدول والجنسيات بمسجد ستراسبورغ الكبير بفرنسا, كغيرها بباقي ربوع أرجاء المعمورة بأغلى ذكرى على قلوبنا بل على قلوب الأمة الاسلامية جمعاء, ألا وهى ذكرى الإسراء والمعراج, إذ تعد الإسراء والمعراج أية من آيات الله سبحانه وتعالى, التي لا تعد ولا تحصى ورحلة لم يسبق لبشر أن قام بها, رحلة أكرم الله بها نبيه ونبي سائر المسلمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, التي رأى الله فيها النبي عجائب آياته الكبرى وقدرته ومنحه الله عطاء روحيا عظيما وذلك تثبيت لفؤاده ليتمكن من إتمام مسيرته في دعوة الناس وتبليغ رسالته وإخراجهم من الظلمات الحالكة والجهل والجور إلى النور والحق المبين .ولتكن تمحيصا من الله للمؤمنين وتمييزا للصادقين منهم فيكونوا بصحبة رسوله العظيم بما يحتمله من عبئ على عاتقه. 

أما الإسراء فهي تلك الرحلة الأرضية وذلك الإنتقال العجيب بالقياس إلى مألوف البشر الذى تم بقدرة الله من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى والوصول إليه في سرعه تتجاوز الخيال يقول تعالى{ سبحان الذى أسرى بعبده ليلاّ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حولة لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} سورة الإسراء. 

وإما المعراج هي الرحلة السماوية والإرتفاع والإرتقاء به من عالم الأرض إلى عالم السماء حيث سدرة المنتهى ثم الرجوع بعد ذلك إلى المسجد الحرام يقول الله تعالى {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنه المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى} سورة النجم. 

ولقد حدثت هاتان الرحلتان التاريخية التي لاينتهي الحديث عنها على مر السنين إلا أن يرث الله ومن عليها, فى ليلة واحدة في وقت قياسي كما ثبتت و تشهد الروايات المتداولة والمتفق عليها من مختلف الروات. وكان زمنها قبل الهجرة النبوية. 

محاضرات ودروس بالمناسبة لفضيلة الشيخ الأزهري الدكتور رمضان عبد المعز من الأزهر الشريف بمصر. 

بحرص مسجد ستراسبورغ الكبير على إحياء المناسبات الدينة والتعريف بها وتلقينها لشبابنا ولجيل المستقبل من أبنا الجالية ورواد المسجد, حيث بالمناسبة تمت إستضافة الدكتور رمضان مرة أخرى لتعود الجمهور عليه والتمتع بحديثه بسلاسة وفصاحة وترويح عن النفس من حين لأخر بدون كلل ولا ملل على مدار ساعات المحاضرة والدرس , فخلال ثلاثة 03 أيام متتالية بداية من إمامته لهم بخطبة وصلاة الجمعة بموضوع سبحان الذي أسرى بعبد ليلا. خطبة أثلجت الصدور وأدمعت العيون وخشعت لها القلوب.   

وعودة لحدث العرس المحمدي من رحلة الإسراء والمعراج, وبحضور طاقم إدارة المسجد الكبير ومشرفيه كل من السادة علا سعيد, مطصفى ولقاضي . حميد لوباردي. فؤاد دوة, وفضيلة الشيخ خليلو سيلا وجمع الحضور من ضيوف ومدعوين و طلبة. ومن تنشيط الأستاذ مصطفى صدقي الخبير بالملتقيات والمناسبات والإشراف على تسييرها, إنطلقت أولى المحاضرات في يومها الأول التي أستعرض فيها سعادته للمحطات العشرة منها السموات الخمسة من السبعة ولقاء سيد المرسلين حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه بالأنباء والمرسلين ونبذة عن كل لقاء معهم وصعوده للسماء الموالية, محاضرة لقيت إقبالا وإعجابا بحين إصغاء وتتبع من كلا الجنسين رجال ونساء. كهول وشباب. تواصلت لأكثر من ساعتين تخللها آذان العشاء. إنتهت بضرب موعد لليوم الموالي لإكمال مسيرة رحلتي الإسراء والمعراج في ما تبقى من باقي المحطات ولقاء النبي بحضرة الأنبياء والرسل عليهم صلوات ربي وسلامه عليهم. 

توصلت المحاضرات في يومها الثاني بشغف وحضور مميز كون اليوم يوم عطلة وتمكين الناس من الحضور بكل أريحية بدون عجل ولا قلق وخوف على وقت ذهابهم للعمل. إنطلقت المحاضرة في جو مفعم بالشوق لسماع مسيرة رحلة الحبيب صلى الله عليه إلى السماء ولقاء ربه سبحانه وتعالى. محاضرة تناول فيها الدكتور رمضان باقي المحطات أصولا إلى سدرة المنتهى وصرير الأقلام ولقاء الله سبحانه وتعالى وحديثه إليه. إنتهت الجلسة الثانية بصلاة العشاء بإمامة الشيخ الأستاذ أيوب الخلف المتألق والإلتفاف حول الدكتور رمضان لمحاورته والإستفسار منه على أمور المسلمين بأرض المهجر الذين يشق عليهم التواجد بها بعيد عن من يأخذ بيدهم وقت الحاجة والضرورة الملحة. 

 وختامها مسك في اليوم الثالث وهو اليوم التاريخي المترقب بكل إستعداد نفسي قبل الجسدي المعنوي والروحاني وهو يوم ذكرى الإسراء والمعراج لسماع من تبقى من فصول الرحلة جسديا وروحيا بكل إشتياق ولوعة معرفة للتزود والنهل من نبع علوم دينينا الحنيف وشلالاته المتدفقة من بحوره. وبحضور مميز لبعض الشخصيات العلمية منهم الأستاذ طاهيري سيدي محمد والدينية من أئمة مشايخ وأساتذة منهم فضيلة الشيخ ساليو صالح فاي إمام مسجد الأخوة بلامينو, والأستاذ الدكتور إبراهيم فنزاوي. فكانت المحاضرة الثالثة والأخيرة لهاته السنة والرحلة العلمية بإستخلاص الدروس والعبر من خلال رحلتي الإسراء والمعراج. بحضور كثيف بكثير برفقة الأهالي و الأطفال. 

فبداية كانت بالتصلية والتسليم الجماعي على الحبيب المصطفى صلى الله وعليه وسلم، فحديث الإسراء والمعراج لا ينتهي ولا يتوقف ولا يمل فكلما حل تاريخها إلا ويزداد الشوق للإستماع والتزود بالجديد مما حدث في هاته الرحلة الإلهية. فمن بين هاته الدروس والعبرة نقطا لا تحديدا: 

 مكانة رحلة الإسراء والمعراج: 

تعد رحلة الإسراء والمعراج على درجة عالية من الأهمية في التاريخ الإسلامي سواء بموقف كفار قريش من الرحلة وإصرارهم على الكفر مما ظهرت لهم آيات ودلائل القدرة الإلهية، ومن الجانب الآخر موقف المؤمنين حقا الذين آمنوا بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تلك الرحلة العظيمة. لذلك سميت واحدة من سور القرآن الكريم بإسمها وهي سورة الإسراء. والتي كللت بعديد الرسائل للمشككين والكفار عامة  

منها على سبيل الذكر لا الحصر: 

إقامة الحجة والبرهان على صدق النبيء ورسالته – تكذيب المشككين والكفار من قريش – رحمة الله تعالي بنبيه لتعويض صبره مما أصابه وما عاناه من ألوان المحن والظلم والأذى من قريش. بحيث غسلت فيها أحزانه صلي الله عليه وسلم بعد عام الحزن. فليلة الإسراء موروث ديني تاريخي ثقافي متنوع لكل جزء منها فصول ومحطات يصعب التوقف فيها دون التطرق لكل جزئياتها كبيرة وصغيرة: 

نظرا لمكانة ليلة اٌلإسراء والمعراج باتت لا تنسى ولا تمر مرور الكرام فكل ما حلت ذكراها إلا وجعلت ليلة دخول الفرح والسرور على قلوب الأمة الإسلامية فرحا بحبيبهم وسيرته العطرة وزيادة بقين بإيمانهم بالله ورسوله الحبيب. 

والملاحظ المشهود به هو تمسك الجالية الإسلامية والعربية المغاربية خاصة بديار الغربة, بإحياء الذكرى بكل فرح وسرور وغبطة لا تضاهيها أفراح أخرى لما يعد لها من شأن ووقت وإستعداد. بالرغم أن تواجد الجالية الإسلامية في العصر الحديث بالمهجر في أرض غير أرضهم الأصلية أرض أسلافهم المسلمين أين يصعب القيام بعبادتهم بكل أريحية توقيتا وزمانا ومكانا إلا من أسعفته الظروف. فرغم ذلك أن الذكرى والمناسبات الدينية العريقة لم تندثر ولم ينساها الناس، إذا يورثونها لخلفهم من الأبناء والأحفاد بكل حرص كما توارثها من سلفهم رحمهم الله كما أخبرنا الحاج عبد الله. لأنهم عرفوا أنهم بدون التمسك بجذورهم سوف يضعون ويتيهون ويصعب عليهم الرجوع إلى جادة الصواب. 

فمن هذا الباب والمنطلق أصبح أولى إهتمام القائمين على هذا الصرح الكبير، الجامع الشامل المسجد الأم لباقي المساجد، الذي يحتقل بذكراه العاشرة من الوجود بهذا المعلم المعماري وهندسته الإسلامية العربية الأندلسية. بإحياء هاته المناسبات الدينية التاريخية بإستضافة العلماء والمشايخ والخطباء في هذه الحال لكي يستثمرون في هذا الفراغ الديني وملؤه بما يفيد، وينتهزوا الفرصة لكي لا ينصرف الناس عن كثير المناسبات من العبادات والأعياد والدينية، ليقيموا السنن، ويبذلوا الجهود لإنارة الطريق أمام شبابنا من الجيل الصاعد حفظهم الله ورعاهم الرحمن. 

خلاصة القول وختامها المسك: 

ليست هذه الرحلة التاريخية فقط لسيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه، النبي المحزون فحسب، بل هي لأمته المكلومة جمعاء في كل وقت و حين، من خلال هاته المحاضرات العلمية الأكاديمة, عاشت الجالية الإسلامية برمتها نسمات ذكرى رحلتي الإسراء ليسرى بنا، لنكون أمةً عزيزة حرة طليقة سيدة، لا توقفها تأشيرة حدود ولا أسوار ولا قلاع مغلقة تتحكم في دخولها باقي أراضي المعمورة لمواصلة تبليغ رسالة الإسلام أين ما حل المسلمون وأرتحلوا إستمرارية لخطى سلفهم رحمهم الله، هكذا هي بكل بساطة وعظمة، رحلة توسعت وفاقت كل الحدود والتوقعات . فكما أسرى الله بعبده ليلتها من المسجد الحرام إلى المسجد الأفصى ومنه إلى المعراج يسري بعباده من خلال تتبع سيرة حبيبهم المصطفى، تجتمع الأمة الإسلامية فيها قاطبة من أقصاها إلى أقصاها وبكل أرجاء بقاع المعمورة، لتعرج بهم لتبليغ دعوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من خلال الإحتفاء بهاته المناسبة السعيدة . 

تطلع و إشتياق : 

كانت أيام حافلة وزاخرة ببرنامج ثري وغني من حيث العلم والفكر والحديث عن سيرة الحبيب المصطفى أيام لا تنسى ولا تتجاهل أسام كلها شوق وتطلع بإشتياق للعودة لها وغيرها من المناسبات والإستماع بحديث الدكتور رمضان عبد المعز وطريقة إيصال الرسالة للمستمع أيام تنظر العود لإطفاء الظمأء وتروية العطش كما قال رائد المسجد وحمامته صاحب الواحد21 والعشرون حجة حاجا ومرافقا ومنظما ومرشدا الحاج علي التونسي حفظه الله ورعاه الرحمن. يا شيخ لم نرتوي يعد , مازلنا عطشى فلا تقصر المدة ولا تطيل الغيبة. وأكده أغلبية جموع الحضور. نسأل الله تلبية طلباتهم وحاجياتهم لهاته الملتقيات العلمية الدينية المفيدة المكللة بالنجاح على الدوام. 

فألف تحية شكر وتقدير لكل طاقم المسجد الكبير كل بإسمه وشخصه ومكانته ضمن الفريق العامل الساهر على خدمة المسجد وإستمرارية تواجده جزاهم الله خير على الدعوة والإستضافة والضيافة والتشريف شرفهم الله وزاهم من فضله وجزاهم خير ورزقهم من حيث لا يحتسبون. 

كل عام والأمة الإسلامية والعربية والمغاربية عامة بخير صحة وعافية وكل عام والجميع بخير في حفظ الرحمن متماسكين. مناسبة سعيدة وفرصة قادمة بإذن الله. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى