بقلم: ذ. عمر العداني
ايها الوزير المحترم،
ان قرار وزارتكم الذي أكدتم فيه اعتماد التعليم عن بعد كصيغة تربوية في بداية الموسم الدراسي المزمع انطلاقه يوم 7 شتنبر، بالنسبة لجميع الأسلاك والمستويات، بكافة المؤسسات التعليمية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية، مع توفير تعليم حضوري “بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم عن اختيار هذه الصيغة، مبررين قرار وزارتكم بالوضعية الوبائية المقلقة التي حاليا تتسم بارتفاع كبير في عدد الحالات الايجابية التي يعيشها المغرب وفي عدد الأشخاص الذين هم في وضعية حرجة وعدد الوفيات.
فبعد مهلة تفكير واعادة قراءة بلاغ وزارتكم بشيء من التأني والامعان أدركت بما لا مجال فيه للشك أنكم في حيرة من أمركم، لم تستطيعوا إصدار قرار حاسم في كيفية التدريس خلال الموسم الدراسي الحالي (حضوري أم عن بعد). ومما زاد استغرابي أنكم تركتم القرار لآباء وأولياء التلاميذ في اختيار نوع التدريس لأبنائهم.
أليس الأحرى سيدي الوزير المحترم أن القرار قراركم؟ ألستم أدرى من غيركم بحقيقة الوضع الصحي للبلاد من خلال قرارات اللجنة العلمية؟ ألستم على بينة بالعواقب الصحية الوخيمة على فلذات أكبادنا وعلى المجتمع إذا ما تم تبني قرار التعليم الحضوري؟
لماذا جعلتم القرار في يد المواطن؟ فوالله انه ذكاء ما بعده ذكاء سيدي الوزير، أمسكتم العصا من الوسط وألقيتم الكرة في ملعب اباء وأولياء التلاميذ، فلسان حالكم سيدي الوزير يقول: من أحب اللعب فليعبر عن رغبته وليتحمل مسؤوليته بكل روح رياضية، ما هذا الاستهتار بعقول المغاربة؟؟
هل بلغ بوزارتكم بل و حكومتكم الجبن أمام لوبي المدارس الخصوصية إلى هذا الحد؟ ألهذا المستوى بلغ فشلكم في تدبير هذا المرفق؟ أين هي الكفاءة إذن و أنتم من حكومة “الكفاءات”؟
اليس من الأولى ومن باب المنطق وقد طرحتم اختيارين، أن تضيفوا اختيارا ثالثا وهو أن يؤجل انطلاق الموسم الدراسي إلى حين انفراج الأزمة والقضاء على فيروس كورونا؟ لماذا غاب هذا الاختيارمن بلاغكم؟ فكان أولى أن يدرج هذا الاختيار في بلاغكم وتناقشوه مع الفرقاء السياسيين والنقابيين وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ والتلميذات لأن المعطيات عن وباء كورونا معطيات مخيفة وصادمة فكيف الحال هذه، ان نسمح لأنفسنا بالمغامرة بصحة الأطفال، في الوقت الذي لم نستطع ضبط والتحكم وإقناع كبار السن، فأنتم أدرى سيدي الوزير أن الأولوية الراهنة للبلد الحبيب تتمثل في المحافظة على أسباب الحياة ومواجهة الجائحة، فلا قيمة للتعليم عن بعد أو التعليم الحضوري والموت يقتحم كل المجالات والبيوت والأماكن..
سيدي الوزير، بالله عليكم ألا يمكنكم تأجيل الدراسة لنبقى سالمين أحياء؟ ألسنا اذا قضينا على الوباء استطعنا الخروج من عنق الزجاجة واستمرت الحياة؟
سيدي الوزير، أنتم تعلمون أن أولادنا هم رأس مال البلد ومستقبله فلا مجال للعبث بهم، ولامكان للمزايدات السياسية عليهم، لنقاوم الوباء والفساد والجشع أولا ثم بعدها نلتحق بالمدارس فيما بعد لتعليم رجال الغد.
سيدي الوزير ، إن رمي الكرة في ملعب أولياء أمور التلاميذ للاختيار بين التعليم الحضوري و التعليم عن بعد هو بمثابة الشجرة التي تخفي عجز الوزارة عن إطلاق موسم دراسي استثنائي في ظل ظروف الوباء و ما يتطلبه من موارد و إمكانيات، فمن سيواكب و يراقب دراسة الاطفال في البيت في حال اختيار التعليم عن بعد سيما مع غياب الاباء لظروف العمل ؟
ماذا أعدت الوزارة من إجراءات و تدابير في حال اختار المغاربة التعليم الحضوري؟
ماذا عن التعليم الحضوري و عن بعد في البوادي و القرى؟
إن بلاغ وزارتكم في نظري بمثابة بذرة الشك التي زرعت في نفوس أولياء الأمور حتى ينقسموا بين خياري التعليم الحضوري ( وخوفهم على سلامة أبنائهم ) و التعليم عن بعد ( وحيرتهم على مستقبل فلذات أكبادهم ).