إعتذار غير مقبول..

الأديبة اللبنانية راوية المصري

الأطباء هم ملائكة الرحمة يؤدون أعظم مهمة بشرية ويقومون بممارسة المهنة الأخلاقية وبدونهم تكون الحياة مليئة بالمعاناة والموت الجماعي. للأطباء فضل كبير على البشرية جمعاء لإعطائهم الامل واستنشاق هواء الحياء مت جديد وتقديم الامل والطاقة الإيجابية…
مهنة الطب هي من اهم المهن التي تحتل مكانة عالية في المجتمع ومعظم الناس يتمنون أن يصبحوا اولادهم اطباء فأنها تجلب لحاملها احترام اجتماعي نظرا لهذا المصطلح الإنساني الذي يمارس بشغف وينقذ أرواح ويخفف آلام …
يُعرف الطبيب بأنّه الفرد الذي يحمل شهادة مرخصة لمزاولة المهنة الطبية في جميع المجالات والمعروف انه يجب على الطبيب ان يتحلى بالصبر ويتمتع بجميع المواصفات الحميدة ويتعامل مع مرضاه بالحكمة في استخدام التعابير المناسبة والحنكة في التعاطي معهم لاكتشاف مرضهم وشرح حالتهم بلطف دون ان يشعرهم بالخوف من حالتهم الصحية ..
يجب أن يتحلى بالصبر من ردة فعلهم والاستعداد لغضبهم وانفعالاتهم وتوفير الاعذار لهم يوصيل رسالته برفق دون جرح مشاعرهم واخبارهم بالتدرج عن حالتهم الصحية … خاصة اذ كانوا يعانون من امراض خطيرة ..الهدوء في تشخيص المرض وإعطاء الامل والرحمة ان يرحم ضعف المريض وحالته المادية عبر وصفة يستطيع شرائها….

(كشفت منظمة الصحة العالمية عن وفاة خمسة أشخاص في العالم كل دقيقة بسبب أخطاء طبية في المعالجة
أي أكثر من ضحايا الحروب وهذا يتجاوز قتلى الانتحار والحروب والأمراض الفتاكة مثل الملاريا، وان معظم الاخطاء الطبية ترتبط بالتشخيص الخاطئ والوصفات الغير مناسبة او عمليات البتر وجراحات المخ التي يتم اجرائها بالجانب الخاطئ من الرأس وغالبا ما يتم اخفاء الأخطاء خوفا من الانتقام..)
..مسيرة الطب مليئة بالزخم العلمي والعملي ومن يعتنق هذا المجال يجب ان لا يفوت كلمة واحدة يمكن ان تكون مصدر لانقاذ روح..

يعاني الكثير من الصيادلة من مشاكل فك الشيفرة عند وصول الوصفة الى الصيدلية لكتابتها برموز غير مفهومة يرون نفسهم في ورطة ويستغرق فك الشيفرة الخطيرة التي يكتبها ملاك الرحمة وقتا اضافيا ويقومون بإستخدام جميع الأساليب التي قد توصلهم لفك هذا اللغز الخطير…
اما عندما يطلب الطبيب من المريض عمل فحوصات مخبرية لكشف المرض فيأتي الجواب عبارة عن مصطلحات لا يفهم فيها الا الطبيب كونه تعلمها في اختصاصه ولا حتى الراسخون في العلم يستطيعون ان يفهمو شيأ من هذه الخطوط الحامورابية …

الإنسان مهما كان قوي يصبح ضعيف من معرفة النتائج ولا يوجد لديه صبر ان ينتظر موعد الطبيب لكي يقرأ له النتائج… بلإضافة لموت الخطأ الطبي يموت الآلاف سنويا وهم بأنتظار نتائج الفحوص المخبرية…
في بعض الأحيان يمكن ان لا يكون من مصلحة المريض ان يقرأ النتيجة بنفسه عندما يشك الطبيب بانه يعاني من مرض خطير، ولكن ما المانع اذ كان نتيجة الفحوص الطبية واضحة واذ كانت تتعلق بنقص الفيتامين او السكري والضغط وغيرهم؟؟؟
وان يكون بلغة البلد الذي يعيش فيه اجنبي او عربي ؟هكذا لا يضطر المريض ان يخسر اعصابه لمراجعة الطبيب ولا يتكلف دفع فحص ثاني وثالث ورابع!!!
فهذا عمل انساني ايها الملاك…
اما عند الحديث عن الوصفة الطبية ولكي لا تشغل الصيدلي نصف النهار بحثا عن اول حرف بإمكانك ان تكتب الوصفة عبر الكومبيوتر وتطبعها هذا لا يكلفك شيئا سوى بعض الحبر ولا يحتاج الى تمويل صندوق النقد الدولي …
وتوفر على جيبة المريض لانه يسهل عليه المقارنة بين دواء وصفته انت ام زميلك الذي سبقق!!!
ولا يضطر المريض ان يحتفظ بنفس الدواء وخاصة اذ كان فقير وربما استدان مبلغ من المال ليدفع لك الاجر …

يذكر ان مريض ظهرت له دملة في مؤخرته فكان كل فترة يذهب الى الطبيب وحاملا معه السمن والبيض البلدي يقوم الطبيب بتنظيف الدملة ووضع ضمادات جروح نظيفة وهكذا يضطر ان يعود لأن الدملة ما زالت مكانها والألم لم يفارقه والطبيب لم يفعل شيأ لها للحفاظ على هدايا الفلاح!!!

في يوم مرض الطبيب وحل مكانه ولده المتدرج فجاء المريض وسأل عن طبيبه فرد ولده الطبيب انا ولده ابي مريض وانا هنا لأكون مكانه ما مشكلتك يا عم ؟
فقال المريض يا ولدي انا أعاني من دملة مزمنة وكل فترة يجب ان أزور والدك لعلاجها فكشف عليه فقال له يجب ان نقوم باستاصال الدملة وهكذا لا تحتاج أن تزورنا مرة اخرى فاجري العملية وقال له لقد شفيت الدملة تماما ولا تحتاج ان تأتي وتتحمل معاناة السفر من القرية ..
بعد فترة سأل الطبيب إبنه قال لم يزورك فلان في غيابي؟
قال الولد نعم لقد جاء وقمت بإخراج الدملة من مؤخرته مسكين هذا الرجل كم تحمل معاناة وآلام من دملة يستغرق استأصالها دقيقتين!
فقال الأب لولده لا جزاك الله خيرا قطعت نصيبنا من أكل السمن والبيض!! الذي كان ياتي بها الفلاح كل زيارة…
…تفانيك في مهنتك الاخلاقية تدل على أنك شخصية استثنائية ولولا وجودك ما كنا لنشعر بالأمان في هذا العالم وبالرغم من تواجد الأمراض والأوبئة فانت الأروع والأنقى…
فالطب مهنة إنسانية فكن مثل الأبن ولا تكون مثل الأب…
تحية لجميع اطباء الرحمة….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى