الباحث : سردار سنجاري
تأتي كلمة التسامح في المصطلح اللغوي بمعنى التساهل في التعامل مع الآخرين . ومن بين المعاني التي اختلفت من مفهوم ديني الى مفهوم اجتماعي وبدات في الآونة الاخيرة تدخل ضمن الاطر السياسية وجميعها تصب في صيغة العفو والرحمة بين الناس . التسامح من اعظم الصفات البشرية التي وجدت في الانسان . فالتسامح يرتبط بالقيم العليا للإنسان من كرم وخلق وتواضع والعفو عند المقدرة .
الشعوب المتسامحة هي التي تقدمت وأسست منظومة اخلاقية إنسانية وفتحت أبواب أوطانها لشعوب اعتبرت التسامح مذلة وأسست مقوماتها الوطنية على الحقد والكراهية ، واعتبرت فكرة التنازل لا تتناسب مع الأعراف والتقاليد البالية الموروثة والتي قادت الشعوب من جهل الى جهل ومن ذل الى مذلة .
عندما دخلت أوروبا في حروب طاحنة وهي أمم مختلفة الثقافات والتقاليد واللغات والأعراف وحتى المذاهب الدينية التي قادت الغرب عبر العصور الوسطى لحروب ذهب ضحيتها الملايين من البشر بسبب الاختلاف بين الأرثوذكسية والكاثوليكية . وفي الحرب العالمية الاولى والثانية كلفت الحربين حوالي ٩٠ مليون نسمة بين قتيل وجريح . ولكنها تسامحت فيما بينها برغم كل الاختلافات التي ذكرناها .
ان تاسيس فكرة التسامح تحتاج الى ثقافة تقبل الاخر وهي ما نعانيه في مجتمعاتنا الشرق اوسطية حيث كل شعب يعتبر نفسه شعب الله المختار وبقية الشعوب مجرد شعوب من الدرجة الثانية او الثالثة مما عمق فكرة الكراهية بين الشعوب نفسها . ان الانسان الذي خلقه الله تعالى باحسن تقويم ازال هذا الجمال والحسن بأفعاله السلبية وحبه لشهواته الدنيوية من مال وسلطة وحب الامتلاك التي هي زائلة لا محالة عاجلا ام آجلا . وفكرة تقبل الاخر هي تأتي من الإيمان بفكرة تقبل الاختلاف والتي هي من المسلمات الكونية ، فجمال الكون باختلافه . ان منظمتنا ( شبكة الاخاء للسلام وحقوق الانسان ) التي تبنت فكرة السلام والاخاء والتقارب بين الشعوب والأديان ، تعمل اليوم ضمن منهجية واضحة من اجل تبني فكرة التسامح واعتماد فكرة تقبل الاختلاف من اجل الوصول الى عالم خالي من الكراهية والأحقاد. عالم يبنى على اسس صحيحة ولكن داك العالم يحتاج الى جهد كبير وعمل شاق ومستمر وتعاون مجتمعي واسع للبدء في فهم معاني ثقافة السلام ومن ثم نشر تلك الثقافة والعمل بها .