طنجة: كادم بوطيب.
حققت مدينة طنجة في السنوات الأخيرة رقما مهما من المتسولين لم تستطع تحقيقه أي مدينة مغربية أخرى غيرها، حتى وصل الرقم الى المليون سائل سنويا مروا من المدينة ،عدا مراكش التي حققت المليون سائح ،فظاهرة التسول باتت تجتاحُ شوارعَ عاصمة البوغاز بشكل خطير وملفت يدق ناقوس الخطرّ لغايات كسب الرزق، وتتمثّلُ هذه الظاهرة بمحاولة المتسوّل كسْبَ عطفِ ناس الشمال وكرمِهم، وينتهج المتسولون عادة أساليبَ استعطاف منها: افتعال الإصابة بعاهات، أو إرسال الأطفال، أو “تقطاع لحبل “ونظراً لكثرة المتسوّلين بالمدينة فقد أصبحت ظاهرة وليست مجرّدَ حدثٍ عابر، فقد امتلأت الشوارع والبوليفار و جنبات الطرق والأماكن العامّة بهم بالإضافة إلى ما سبق، فقد يكون التسوّل بواسطة تقديم خدمات بسيطة، كمسح الحداء أو زجاج السيارة أو حمل الأكياس.
فماا إن يُجري المرء جولة بشوارع وأزقة مدينة طنجة أو يجلس في إحدى مقاهيها، سواء كان من أبناء المنطقة أو مجرّد زائر عابر، حتى يلاحظ وقوف المتسولين وانتشارهم في كل الجنبات بشكل ملفت، خاصة في الشوارع الكبرى، وقرب المحلات التجارية والمقابر والمساجد والأسواق والساحات العمومية وإشارات المرور وملتقيات الطرق الرئيسية وسط المدينة، وحتى بالحدائق المجاورة لولاية أمن طنجة التي تظم شرطة السياحة الموكول لها احتظان هده الجماهير الغفيرة التي تضر بسمعة طنجة الكبرى ،في الوقت الدي يتزايد فيه أعداد المتسولين يوما بعد يوم بمختلف الأحياء السكنية.
وفي جولة وسط مدينة طنجة يلاحظ تواجد متسولين من مختلف الأعمار، ذكورا وإناثا، من الشبّان الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء الكبرى، إلى جانب عدد من الأسر السورية التي قرّرت الاستقرار بعاصمة البوغاز ، هربا من الأوضاع التي تعرفها بلادها، وامتهان التسول لضمان لقمة عيش لها ولأطفالها.
بملابس ممزقة متسخة ومهترئة أحيانا، وبنيات جسدية قوية، وأحذية بالية تكتسيها أكوام من الغبار، وبصوت تغلب عليه نبرة حزن مصطنع يطلب المتسولون العطف، بأحياء مدينة الجنان ودات البحرين ، يتخذون الأزقة والشوارع ومداخل العمارات مقرات “عمل” لهم.
يبدؤون يومهم بتقمص الشخصيات منذ طلوع الفجر وينتهون بعد منتصف الليل، منهم من يستعمل علب الأدوية حجة لتسوله ومنهم من يدعي إصابته بالسرطان، ومنهم من يوهم المارة بأنه سوري نازح من الحرب…
قصص متعددة ومختلفة، والهدف منها طلب الرأفة كي تمد يدك إلى جيبك وتخرج منه بعض القطع النقدية التي يحدد قيمتها عادة الشحاذ وتمنحها إياه، ليغرقك بعدها بدعوات الخير والنجاح التي تترك أثرا في نفسك، من قبيل “الله يفرجها عليك”.
هم أناس محترفون يمتلكون ملايين العقارات، بعدما صار التسول تجارة مربحة لا تبور مع مرور الأيام بطنجة ،يستعمل الكثير منهم رأفة الناس بهم وأريحية البعض الآخر لتكديس الأموال يوما بعد يوم، أو بتغيير الأماكن والمدن أحيانا، والهدف جمع أكبر عدد من الأموال لحماية النفس من غدر الزمن ونوائب الدهر.