العدالة الإجتماعية
أمال أغزافي
عندما نخرج الى وسط المجتمع ونراقب الواقع بأعيننا، نرى هناك إختلافاً كبيرا ما بين مصطلح العدالة الإجتماعية وما بين ما نعيشه من فوارق إجتماعية كبيرة ، فالوضع لا يمثل العدالة الإجتماعية بأية صلة ،فرغم توالي النزعات والصراعات لكن النتيجة واحدةً ، لهذا لا يمكن بناء أسس المستقبل للشعب في ظل تدهور الأوضاع المعيشية بسبب غياب العدالة الإجتماعية ، حيت تقوم على تحقيق الحرية والكرامة ،وتحسين ظروف العيش وضمان إستقرار المجتمع وحمايته من الهلاك . لكن نرى على أننا نعيش هلاكا نفسيا وجسديا فالمجتمع يعيش أوضاعاً كارثيةً بعيدةً كل البعد على ما يطلق عليه بمصطلح العدالة الاجتماعية.
لكن هناك سكون قاتل داخل بؤرة المجتمع ،الذي يعرف ضغطاً متراكماً منذ سنين، وكذلك تزايد وثيرة الانتهاكات وتراجع التنمية التي نبحث عنها في المجتمع ،فمن أجل تعزيز العدالة الاجتماعية في مجتمعنا بحاجة الى تنمية مستدامة تخدم مصالح المجتمع وتنقده من الاستبداد والفساد ،فكل فرد في هذا المجتمع له حق في عدالة اجتماعية حقيقية تخول له العيش بكرامة وبناء مستقبل واعد داخل بلده.
ولتنمية بلادنا علينا أن نحقق العدالة الاجتماعية التي يصبو إليها كل فرد يحيا في هذا البلد لأنه حق من حقوقه فالحقيقة أننا نعيش معادلة صعبةً في ظل ما تعيشه بلادنا من تدهور اجتماعي هذا ما جعلني أتساءل أين هي هذه العدالة الاجتماعية الذين يتحدثون عنها ؟نجد غلاء المعيشة في تزايد صاروخي ، والفوارق الاجتماعية حيت الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقراً، وما يحز في النفس الظلم الإجتماعي الذي يتعرض له كل فرد داخل المجتمع ملزم عليه التقبل الوضع كما هو وأنه سيأتي يوما من الأيام أن تحقق تلك العدالة الاجتماعية التي يبحث عنها ، من المحزن جداً أن نرى اشخاصا يقتاتون من النفيات وأسراً تنتظر من يطرق عليها الباب ويمدها بمعاونة تسد جوع يوم أو يومين ،وأشخاصاً أخرين يفترشون الارض من أجل النوم.
كيف نتحدث عن عدالة اجتماعية ونحن نعيش مثل هذه الاوضاع، ما قيمتها اذا كنا لا نتوفر على ابسط حقوقنا ، فهو مصطلح صعب تحقيقه على أرض الواقع لما يعرف من اختلالات وتحديات لان الامر ليس بالهين ،فالوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم ، ومع ذلك نطمح الى عدالة إجتماعية لكننا مازلنا نعاني تهميش في المستشفيات و الوظيفة والتعليم وعدم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ،وكذلك التمييز العنصري بين فئات المجتمع ،وهذا سيكون مفجعا حقا لنا كأشخاص آمنو بهذا المفهوم الصالح لخدمة المجتمع والتقدم نحو الرفاهية الاجتماعية ،وهنا أستحضر كلام لصموئيل فريمان عندما قال “يتطلب مبدأ العدالة عنده توفير حريات مهمة و معينة بالتساوي للجميع، وتتمتع هذه الحريات الأساسية بالأولوية على جميع قيم الرفاهية الاجتماعية.
وتوفير فرص عادلة بالتساوي لجميع المواطنين، وهيكلة الفروق في الدخل والثروة وفي المراتب الاجتماعية، بما يفضي إلى ضمان الحد الأقصى من الفائدة للأعضاء الأسوأ حالا في المجتمع “، فكلما تزايدت عدم المساواة في المجتمع تزايدت الظواهر والمشاكل وتفاقمت المعضلات وارتفع معدل الانتحار والبطالة، فهذا ما نعايشه في مجتمعنا كأفراد فنحن مدركون بالفطرة على أننا مظلومين ومحرومين من ابسط حقوقنا، فالوضع يزداد سوءا داخل المجتمع من انتشار واسع لظواهر وجرائم عدة من إنتحار وهجرة وظهور الجريمة الالكترونية التي تعرف صعودا متزايدا في الآونة الاخرة ، وهذا راجع للقهر والفقر الذي يعانيه المجتمع ، ولو كنا فعلا نتمتع بعدالة اجتماعية لما كنا نعرف لهذه الجرائم والظواهر اسماً، لكان كل فرد في هذا المجتمع ينعم بحياة تتصف بعدالة اجتماعية متوازنة على الاقل بأبسط حقوقنا ، لكن انتقالنا من النموذج التقليدي الى النموذج التحديثي في الآونة الاخيرة عرف عدة اختلالات في السياسة الاجتماعية ، مما ادى بالتقدم البطيء للديمقراطية الاجتماعية بإعتبارها ركائز العقد الاجتماعي في المجتمعات العربية على اختلاف نظمها السياسية وتفاوت مواردها الاقتصادية، وتنوعاتها المجتمعية.
ورغم الجهود دائمة لصاحب الجلالة نصره الله محمد السادس يندد بالنهوض بالعدالة الاجتماعية في جميع خطاباته، حيث يؤكد “على الهيآت السياسية والحزبية، التجاوب المستمر مع مطالب المواطنين، والتفاعل مع الأحداث والتطورات، التي يعرفها المجتمع فور وقوعها، بل واستباقها، بدل تركها تتفاقم، وكأنها غير معنية بما يحدث.”
وكان جلالته يعطي الاولوية لهذا الجانب دون الجانب الاخر لما لأهمية العدالة الاجتماعية داخل المجتمع، وانطلاق لعدة اوراش لتعزيز العدالة الاجتماعية والعمل على الاصلاح المنظومة الاجتماعية ، رغم التحديات التي تواجهها الدولة من اجل خوض المعارك لتحقيق العدالة الاجتماعية لكننا نرى تحرك بطيء لتحقيقها .
فمن اجل تنمية المجتمع والعمل على ضمان حقوقه التي منحها له الدستور وفقا لمعايير قانونية
فعلى المؤسسات العمل على تحقيق قيمتي الحرية والمساواة في المجال الاجتماعي وتدرك بأهمية الدور الذي يجب أن تقوم به للموازنة بين الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية.
لان مصطلح العدالة الاجتماعية من أحد محركات للثورات عبر العالم ، لهذا علينا تبني سياسات جديدة من أجل القضاء على الفقر او تقليل الفوارق بين الطبقات او القضاء على التهميش والاقصاء وغيرها من سياسات الظلم وقتل روح المنافسة والكفاءات واستفحال البطالة ،من أجل إنقاذ المجتمع من وحل الصراعات ومساعدته على تحقيق عدالة إجتماعية .