مشاركة المرأة القطرية في الحياة السياسية: مسيرة حافلة وإنجازات تاريخية نحو التمكين

رائدات مكتب الدوحة تقرير : ناهد ادريس

في السنوات الأخيرة، شهدت دولة قطر تطورًا بارزًا في مجال تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية، وذلك عبر سلسلة من الخطوات الجريئة والمبادرات التي تهدف إلى رفع مكانة المرأة في المجتمع ومشاركتها الفاعلة في مسيرة التنمية. وقد شكّل قرار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل أربع سنوات بتعيين أربع نساء في مجلس الشورى بداية جديدة ونقطة تحول، إذ يعد هذا القرار اللبنة الأولى في مرحلة جديدة للمرأة القطرية في الحياة السياسية.

جاءت خطوة الاستفتاء على التعديلات الدستورية في قطر لتحقق تطورًا نوعيًا في المشهد السياسي، حيث أعلن وزير الداخلية الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني أن نسبة الموافقة الشعبية على مشروع التعديلات بلغت 90.6%، وهي نسبة تعكس الثقة الكبيرة في القيادة وتطلعات الشعب القطري. وقد شهدت الدولة خلال هذا الاستفتاء مشاركة كبيرة للمرأة القطرية، حيث حرصت على الحضور والإدلاء بصوتها، ما يعكس وعيًا مجتمعيًا وسياسيًا واضحًا.

وتجلى هذا الوعي أيضًا خلال انتخابات مجلس الشورى عام 2021، حيث ترشحت 28 امرأة، لتكون هذه الانتخابات نقطة تحول تاريخية في مسيرة المرأة السياسية بقطر، مؤكدةً على سعيها للمشاركة في جميع الاستحقاقات الانتخابية ودورها في الحياة العامة جنبًا إلى جنب مع الرجل.

أكدت الدكتورة بثينة الأنصاري في تصريح خاص لمجلة “رائدات” على أهمية نسبة المشاركة العالية للمرأة القطرية، والتي وصلت إلى 72% في الاستفتاء الأخير. واعتبرت الأنصاري أن هذه النسبة تعكس الانتماء الوطني القوي لدى القطريات، وتوضح التفافهن حول القيادة الحكيمة التي وضعت مصلحة الوطن والشعب في المقام الأول. واعتبرت أن هذا التلاحم الوطني يُظهر للعالم مدى وعي الشعب القطري وقدرته على التأثير في بناء مستقبل مشرق لقطر.

من جهتها، أشارت الناشطة في العمل الإنساني منى السليطي إلى أن نسبة مشاركة النساء العالية في الاستحقاقات السياسية هي دليل على تطور الوعي السياسي للمرأة القطرية. كما أوضحت السليطي أن هذه المشاركة ليست ظاهرة عابرة، بل تعكس رغبة قوية لدى القطريات في التواجد والمشاركة السياسية الفاعلة، وهو ما سيسهم في تحقيق رؤية قطر 2030، التي تسعى لتمكين المرأة بشكل أكبر وتوفير فرص قيادية لها.

كانت مشاركة النساء في الاستفتاء محط اهتمام واسع، حيث رصدت وسائل الإعلام القطرية والدولية ظهور العديد من الشخصيات النسائية البارزة خلال فترة التصويت. وقد وثّقت الكاميرات لحظات تصويت الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني، حرم الأمير، على مشروع التعديلات الدستورية لسنة 2024، بالإضافة إلى ظهور الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، مما يعكس دعم القيادة القطرية لمشاركة المرأة وتمكينها في كل المجالات.

كما بثت منصة مشيرب صورًا للشيخة هند بنت حمد آل ثاني وهي تدلي بصوتها، مما يؤكد أن المشاركة النسائية امتدت لتشمل كافة أطياف المجتمع القطري. وقد عكست هذه المشاهد مستوى الوعي والمسؤولية لدى المرأة القطرية، وإصرارها على أن يكون لها صوت مؤثر في صنع القرارات الوطنية.

 

تمثل المشاركة السياسية للمرأة القطرية امتدادًا لمسيرة حافلة بالإنجازات. فمنذ أول انتخابات للمجلس البلدي المركزي في مارس/آذار 1999، شكّلت النساء 45% من إجمالي الناخبين، حيث كان عدد المشاركين حينها 13,656 ناخبًا وناخبة. ومنذ ذلك الحين، واصلت المرأة القطرية مسيرتها في المشاركة الفاعلة، حيث بلغت نسبة النساء المشاركات في انتخابات المجلس البلدي عام 2007 حوالي 46.6%.

في الدورات الانتخابية التالية، شهدت نسب المشاركة النسائية ارتفاعًا ملحوظًا؛ ففي الدورة الخامسة عام 2015، بلغ عدد المرشحين 109 مرشحين، بينهم خمس مرشحات، وهو ما يعكس التطور المستمر في حضور المرأة القطرية في المشهد السياسي. وقد جاءت الدورة السادسة لتسجل نسبة مشاركة وصلت إلى 50.1%، ما يدل على وعي المجتمع القطري بأهمية دور المرأة في تطوير المجتمع والمساهمة في صنع القرار.

اليوم، تواصل المرأة القطرية دورها في دفع عجلة التقدم والتنمية، ساعيةً إلى تحقيق المزيد من المكتسبات وفق رؤية قطر 2030، التي تهدف إلى تعزيز المساواة وإفساح المجال للنساء في المواقع القيادية. ويؤكد هذا الاتجاه أن مشاركة المرأة ليست مجرد أرقام في الاستحقاقات الانتخابية، بل هي تواجد فاعل يعزز من التجربة الديمقراطية ويضفي عمقًا على الممارسة السياسية في قطر.

وفي ظل هذه المكتسبات، تشكل المشاركة السياسية للمرأة القطرية تجربة ملهمة لبقية دول المنطقة، إذ تمثل قطر نموذجًا يُحتذى به في مجال دعم حقوق المرأة وتطوير أدائها السياسي، الأمر الذي يعزز مكانة قطر على الصعيدين الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى