راوية المصري
ما ضرني غريب يجهلني؛ إنّما أوجعني قريب يعرفني!
اغلب الأمراض قد يتم الشفاء منها او يتعايش الانسان معها، ولكن لا يستطيع الشفاء من آثار الظلم !!
وخاصة أن اتى من نيران صديقة يكون أشد ضراوة من اسلحلة الدمار الشامل! لانه يأتي من مكان غير متوقع…والموجع أكثر عندما تربطهما الجدران المتلاصقة او (صلة الرحم).
احيانا ينتاب الانسان شعور بالاهانة لأنه يعيش في قبضة جغرافية محكمة، فيكون دائما مضطر ان يقدم تنازلات بصمت وغصة! ربما بعد هذه الخطوة يستريح جهازه العصبي مؤقتا الذي اتلفه الحاقدون دون أسباب تذكر اذا صح التعبير!
شعور الخزلان يرافق الانسان بعتب ولوم وتساؤل ماذا فعلت لاقدم تنازلات ويسأل نفسه دائما هل انا ضعيف الشخصية؟
وبعد كل طعنة يكون هناك رغبة جامخة بالبكاء ويبدأ العتاب بين العقل الباطني والظاهري ؟
الباطني! انت جبان كان عليك ان تواجه وتدافع بشراسة عن حقوقك لما السكوت ؟ لو كنت مكانك لما رضيت هذا الظلم الذي وقع بك وكل الذين حولك يعرفون انك مظلوم فيجب ان يكون لديك رغبة تلقائية برد الهجوم !
العقل الظاهري يرد قائلا ! عندما اخترت انا لأكون في الواجهة وأكون مسؤولا عن تصرفاتي لا يجوز ان افجر غضبي دفعة واحدة قد انهي حياتي ومستقبلي وينقص من رصيدي امام الاخرين…
فالظلم لا يتجزأ ان أتى من قرابة، مجتمع ،دول، وعندما يتعرض الانسان لاهانات وظلم غالبا ما يتنازل عن حقوقه ، من اجل الحد من العصبيات وأرضاء لمن حاولوا الإصلاح.
لانه سيكون من نفس الفصيلة الحيوانية اذا حاول ان يعطيهم وقت لتبرير اكاذيبهم بكذبة جديدة او مواجهتهم بسلوكهم الوحشي الذي استهلك وقتا لكي ينجز بمهارة …فهذا النوع من البشر ربما في بعض الاحيان يكون خطر على حياتك بسكتات قلبية على قدر المسرحيات الذي يقومون بها واخيرا ياتي المخرج الكبير لوضع لمساته السامة …
فكم إنسان في هذا العالم القذر تمنى ان يكون مكان جابريال باسترناك عندما ارسل تذاكر سياحية لكل من اذاه في حياته وعندما أقلعت الطائرة بدات الركاب تبادل الحديث والمفاجأة كانت جميع الركاب الذين على متن الطائرة أرسلت لهم رحلات مجانية ولا يعرفون مصدرها
يقوم الناقد الموسيقي في حالة من الذهول بعد كل الصدف و يقول بصوت عالي:
هناك أمر غريب! هل هناك أحد غيرنا على الرحلة يعرف جابريال باسترناك؟
فجأة رفع كل من بالطيارة أيديهم !
-الناقد يسأل الناس: هل أشتريتم تذاكر الرحلة هذه بأنفسكم ؟؟
يرد كل واحد بإن تذكرته لم يشتروها بأنفسهم.. بل وصلتهم بطرق مختلفة.. إما من العمل أو أناس لا يعرفونهم .. أو أشخاص وهمية.. و طرق أخرى ..
و هنا تتدخل مضيفة الطائرة منهارة وتقول لهم و هي في حالة مزرية:
– جابريال باسترناك هو قائد الطائرة هذه.. و جمع كل من آذوه في حياته لينتقم منهم . و هو يجهز الآن مظلته ليقفز !
فالظلم لا يتوقف على الأشخاص ! انما يتعلق بظلم الدول الكبرى على الدول الصغرى ،أو الحرب بالوكالة التي دمرت العالم عبر التاريخ! ويكون ضحيتها الدول الضعيفة التي لا تستطيع ان تحكم نفسها بنفسها وتحتاج وصي.. وتستعمل افراد شعبها كوقود لمشاركتهم بحروب عبثية من أجل لقمة عيشهم..
تتعدد خصائل الظلم وتتنوع شروره وبات يحتل المرتبة الأولى في هذا العالم المليئ بالكراهية ولم يعد حصرا على فئة معينة قد يكون داخل بيتك على مائدتك ويقاسمك وسادتك.
تشعب هذا المرض النفسي واصبح أصحابه يتلذذون بإذلال البشر وقهرهم نتيجة نقص في بناء الشخصية الانسانية السليمة ..
لو كان الاستبداد رجلاً وأراد أن يحتسب بنسبه لقال: أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر وخالي الذل، وابني الفقير وابنتي الحاجة وعشيرتي الجهالة ووطني الخراب..