هدى درويش | الجزائر
و كأنها تساعدنا في تقييم الثباتة اللونية و هذا في موسم درامي يشبه المواسم القليلة السابقة التي تشترك في نقاط كثيرة أولها تناسخ المواسم الرمضانية بنفس الوجوه المكرسة احيانا أو بنفس الألوان لشخصيات متكررة …
لابد من الوقوف على البصمة التي تتركها الدراما السورية بعد الحرب في حلتها الجديدة بثنائية البطل السوري و الفاتنة اللبنانية , و التي اصبحت ثابتة في كل المواسم الرمضانية و حتى خارجها و سطوة ملكات الجمال على الادوار الرئيسية بأحمر شفاه ملفت و ملامح بلاستيك و حلة استعراضية لأهم الماركات , و كل هذا جميل اذا اقترن به في الاصل دور درامي مناسب و آداء مقنع … و ذلك يجعلنا نشعر بقيمة العمل أكثر و بعمقه و برسالته , فجميع الأعمال الدرامية الحديثة أصبحت تسلط الضوء كمرآة عاكسة غير ناطقة على طقوسنا الاجتماعية دون أن يكون في ذلك هدف فني واضح او رسالة للمشاهد …
و شوق كبير لعودة المسلسلات التاريخية و التي كانت ملح رمضان 2019 بداية بمسلسل حرملك المصاغ على شاكلة العمل التركي الشهير حريم السلطان و الذي يضم كوكبة من نجوم الوطن العربي و مسلسل العاشق ـ صراع الجواري ـ بطولة السوري غسان مسعود و الذي يقدم بعدا صوفيا و تاريخيا و يقدّم بشكل مختلف و أيضا مقامات العشق الذي يظهر فيه اللبناني يوسف الخال جبروت قدراته و يجعل منه المخرج أحمد ابراهيم أحمد و السيناريست محمد البطوش عملا يستحق المشاهدة فعلا
و الى الأعمال البدوية القليلة نذكر العمل الرائع ’’صبر العذوب’’ لكاتبته السودانية سارة سوار الذهب و التي أتقنته كتابة و اصالة و استمرت به في مشوارها كثاني دراما بدوية تكتبها بذات التفاني بعد عمل’’ نوف’’ من بطولة المصرية الأردنية ميس حمدان و الذي عرض في رمضان 2017
صبر العذوب و هو أول عمل أشاهده لهذه الكاتبة و الذي حركني عمق و عاد بي الى البيئة البدوية بكل تفاصيلها و حكاياتها و باحترافية , و هو من بطولة الجميلة ’’ علا الفارس ’’ في دور العذوب و النجم الأردني ’’ وسام البريحي’’ مع كوكبة من الفنانين على راسهم القديرتين ’’جولييت عواد’’ و ’’ عبير عيسى ’’ , من اخراج محمد علوان و انتاج شركة الحجاوي للإنتاج و التوزيع الفني .
عن ’’ سارة سوار الذهب ’’ الكاتبة و الانسانة ورحلتها الطويلة من السودان الى دمشق قبل الحرب بعقد من الزمن , تقول عن نفسها أنها وجهان لعملة واحدة و تتحدث عن حراك شعب السودان بشغف و حرقة و تعتبره فجرا جديدا لوطنها, و كأن البداوة بالنسبة لها انعتاق من قانون حياة الحاضرة و بروتوكولاتها ..
و هي قارئة نهمة تعتبر أن الكتابة الادبية تحفز القارئ على تخيل الشخصيات الحبرية التي لا يقوى على تجسيدها غير الدراما الحقيقية بالتكنيك المناسب و هو ما يجعلها اقرب لنمط حيتنا السريع.
تبدأ قصة ’’ صبر العذوب’’ بليلة عرس دامية لا تكتمل فرحتها حيث تتخذ العذوب خطيفة ويعتقد الجميع بموت حبيبها صقر بعد اصابته البليغة لكنه ينجو ليعود بقوة في الحلقة الثامنة من العمل و تستقر العذوب في غير قبيلتها في كنف مشاري الذي يتودد لها عابدا لجمالها البدوي الاسطوري دون ان يفوز بقلبها
تتسارع الأحداث وتدور في بيئة تستحق التأمل و الاستكشاف و تحكمها قوانين العرف البدوي القديمة و تظهر القلوب العاشقة محترقة بلا اشفاق بين مشاعر الجوى و الموت و الفراق .
الحب لا يعرف الياس و الصبر خطواته الدؤوبة !